للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إسحاق: "ويقال: إنهم أخرجوا معه أبا ياسر بن أحطب، ووهب بن يهودا، فخلا النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بابن صوريا"، فذكر الحديث.

وسيأتي عند مسلم من حديث البراء - رضي الله عنه -: "مُرّ على النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بيهوديّ مُحَمَّمًا مَجْلُودًا، فدعاهم، فقال: هكذا تجدون حدّ الزاني في كتابكم؟ قالوا: نعم"، وهذا يخالف الأول من حيث إن فيه أنهم ابتدءوا السؤال قبل إقامة الحدّ، وفي هذا أنهم أقاموا الحدّ قبل السؤال.

قال الحافظ - رحمه الله -: ويمكن الجمع بالتعدد، بأن يكون الذين سألوا عنهما غير الذي جلدوه، ويَحْتَمِل أن يكون بادروا، فجَلدوه، ثم بدا لهم فسألوا، فاتفق المرور بالمجلود في حال سؤالهم عن ذلك، فأمرهم بإحضارهما، فوقع ما وقع، والعلم عند الله.

ويؤيد الجمع ما وقع عند الطبرانيّ من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رهطًا من اليهود أتوا النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ومعهم امرأة، فقالوا: يا محمد ما أُنزل عليك في الزنا؟، فيتجه أنهم جلدوا الرجل، ثم بدا لهم أن يسألوا عن الحكم، فأحضروا المرأة، وذكروا القصة والسؤال. انتهى (١).

وحاصل هذا الجمع أنهم جلدوا وحمّموا الرجل فقط قبل أن يسألوه - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، ولم يجلدوا المرأة، ثم بدا لهم أن يسألوه، فجاءوا بالمرأة غير مجلودة، فوقع ما وقع، والله تعالى أعلم. (فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى جَاءَ يَهُودَ، فَقَالَ: "مَا) استفهاميّة، (تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ عَلَى مَنْ زَنَى؟ ") وفي رواية للبخاريّ: "ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟ "، قال الباجيّ - رحمه الله -: يَحْتَمِل أن يكون عَلِمَ بالوحي أن حكم الرجم فيها ثابت على ما شُرع لم يلحقه تبديل، ويَحْتَمِل أن يكون عَلِم ذلك بإخبار عبد الله بن سلام وغيره، ممن أسلم منهم على وجه حَصَل له به العلم بصحة نقلهم، ويَحْتَمِل أن يكون إنما سألهم عن ذلك لِيَعلم ما عندهم فيه، ثم يتعلم صحة ذلك من قِبَل الله تعالى. انتهى (٢).

(قَالُوا: نُسَوِّدُ وُجُوهَهُمَا، وَنُحَمِّلُهُمَا) قال النوويّ - رحمه الله -: هكذا هو في أكثر


(١) "الفتح" ١٥/ ٦٨٢ - ٦٨٣، كتاب "الحدود" رقم (٦٨٤١).
(٢) راجع: "الفتح" ١٥/ ٦٨٣.