للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

النسخ: "نُحَمِّلهما" بالحاء، واللام، وفي بعضها: "نُجَمِّلهما" بالجيم، وفي بعضها: "نُحَمِّمهما" بميمين، وكلّه متقارب، فمعنى الأول: نَحْملهما على الدابّة، ومعنى الثاني: نجعلهما جميعًا على الجمل، ومعنى الثالث: نسوّد وجههما بالْحُمَم - بضمّ الحاء، وفتح الميم - وهو الفحم، وهذا الثالث ضعيف؛ لأنه قال قبله: "نُسَوِّد وجوههما". انتهى (١).

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: وروى العذريّ، والسمرقنديّ: "نُسوِّد وجوههما، ونُحَمِّمهما"، ورواه السجزيّ: "نجملهما" - بنون مضمومة، وجيم - يعني نحملهما على جمل، ويُطاف بهما، ورواها الطبريّ: "نحملهما" بنون مفتوحة، وحاء مهملة، من الحمل، وكلتا الروايتين أحسن من رواية العذريّ؛ لأن فيها تكرارًا، فإن قوله: نسوّدهما بمعنى نُحمِّمهما.

قال: وهذا الفعل إنما كان مما اخترعته اليهود، وابتدعوه، وجعلوه عِوَضًا عن حكم الرجم، ولذلك لم يَقُل به أحد من أهل الإسلام في الزنى، وإنما عمِل بعض أهل العلم في شاهد الزور، فرأى أن يُحمّم وجهه، ويُجلد، ويُحلق رأسه، ويُطاف به، وروي ذلك عن عمر بن الخطّاب، وقد روي ذلك عن بعض قضاة البصرة، ولم يره مالك. انتهى (٢).

(وَنُخَالِفُ بَيْنَ وُجُوهِهِمَا) بأن يُجعل قفا أحدهما مقابل قفا الآخر، (وَيُطَافُ بِهِمَا)؛ أي: بين الناس حتى يُفضحا بينهم، وفي رواية البخاريّ: "فقالوا: نفضحهم، ويُجلدون"، قال في "الفتح": وقع بيان الفضيحة في رواية أيوب، عن نافع الآتية في "التوحيد" بلفظ: "قالوا: نُسَخِّم وجوههما، ونُخزيهما"، وفي رواية عبد الله بن عمر: "قالوا: نُسَوِّد وجوههما، ونُحَمِّمهما، ونخالف بين وجوههما، ويطاف بهما"، وفي رواية عبد الله بن دينار: "إن أحبارنا أحدثوا تحميم الوجه، والتجبية"، وفي حديث أبي هريرة: "يُحَمَّم، ويُجَبَّهُ، ويُجلد، والتجبية أن يُحمل الزانيان على حمار، وتقابَل أقفيتهما، ويطاف بهما"، وقد قال إبراهيم الحربيّ بأن تفسير التجبية من قول الزهريّ، فكانه أُدرج في الخبر؛ لأن أصل الحديث من روايته.


(١) "شرح النوويّ" ١١/ ٢٠٨.
(٢) "المفهم" ٥/ ١١٥.