إلا مستنِدًا لما أطلعه الله تعالى، فحَكَم في ذلك بالوحي، وألزمهم الحجة بينهم، كما قال تعالى:{وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا}[يوسف: ٢٦]، وأن شهودهم شهدوا عليهم عند أحبارهم بما ذُكر، فلما رَفَعُوا الأمر إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - استعلم القصة على وجهها، فذكر كلّ من حضره من الرواة ما حفظه في ذلك، ولم يكن مستنَد حكم النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إلا ما أطلعه الله عليه. انتهى.
قال الجامع عفا الله عنه: هذه التكلفات من الحافظ في تأويل هذه المسألة مما يُستغرب من مثله، فإنه مما لا يليق بجلالته، أفلا يقول كما قال بعضهم: إن شهادة أهل الذمّة بعضهم على بعض جائزة؛ لهذا الحديث؟ وما المانع من ذلك مع ثبوت النصّ فيه؟، فليُتأمل بالإنصاف، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.
٤ - (ومنها): أنه استَدَلّ به بعض المالكية على أن المجلود يُجلد قائمًا، إن كان رجلًا، والمرأة قاعدة؛ لقول ابن عمر - رضي الله عنهما -: "رأيت الرجل يَقيها الحجارة"، فدلّ على أنه كان قائمًا، وهي قاعدة.
وتُعُقّب بأنه واقعة عين، فلا دلالة فيه على أن قيام الرجل كان بطريق الحكم عليه بذلك.
٥ - (ومنها): أنه استُدِلّ به على رجم المحصَن، وقد تقدم البحث فيه مستوفًى.
٦ - (ومنها): أنه استُدلّ به على الاقتصار على الرجم، ولا يُضم إليه الجلد، وقد تقدم الخلاف فيه، وأن الأرجح القول بالجمع بينهما؛ لِمَا تقدّم عند مسلم:"والثيّب بالثيّب جلد مائة، والرجم"، فتبصّر.
٧ - (ومنها): أن أنكحة الكفار صحيحة؛ لأن ثبوت الإحصان فرع ثبوت صحة النكاح.
٨ - (ومنها): أن الكفار مخاطَبون بفروع الشريعة، وهو الصحيح، وقيل: لا يخاطَبون بها، وقيل: إنهم مخاطَبون بالنهي، دون الأمر.
٩ - (ومنها): أن اليهود كانوا يَنسُبون إلى التوراة ما ليس فيها، ولو لم يكن مما أقدموا على تبديله، وإلا لكان في الجواب حيدة عن السؤال؛ لأنه سأل عما يجدون في التوراة، فعَدَلوا عن ذلك؛ لِمَا يفعلونه، وأوهموا أن