تقدم - أنهم تحاكموا إليه، وهو في المسجد بين أصحابه، والمسجد لم يَكْمُل بناؤه إلا بعد مدة من دخوله - صلى الله عليه وسلم - المدينة، فبَطَل الفور.
وأيضًا ففي حديث عبد الله بن الحارث بن جَزْء أنه حَضَر ذلك، وعبد الله إنما قَدِم مع أبيه مسلمًا بعد فتح مكة.
وقد تقدم حديث ابن عباس، وفيه ما يشعر بأنه شاهد ذلك. انتهى ما في "الفتح"، وهو تحقيق نفيسٌ، وبحث أنيس، والله تعالى أعلم.
٢ - (ومنها): أن المرأة إذا أقيم عليها الحدّ تكون قاعدة، هكذا استَدَلّ به الطحاويّ، وقد تقدم أنهم اختلفوا في الحفر للمرجومة، فمن يَرى أنه يُحفر لها تكون في الغالب قاعدة في الحفرة، واختلافهم في إقامة الحدّ عليها قاعدة، أو قائمة إنما هو في الجَلد، ففي الاستدلال بصورة الجلد على صورة الرجم نظرٌ لا يخفى.
٣ - (ومنها): قبول شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض، وزعم ابن العربيّ أن معنى قوله في حديث جابر:"فدعا بالشهود"؛ أي: شهود الإسلام على اعترافهما، وقوله:"فرجمهما بشهادة الشهود"؛ أي: البيّنة على اعترافهما.
ورُدّ هذا التأويل بقوله في نفس الحديث: إنهم رأوا ذَكَرَه في فرجها كالميل في المكحلة، وهو صريح في أن الشهادة بالمشاهدة، لا بالاعتراف.
وقال القرطبيّ: الجمهور على أن الكافر لا تُقبل شهادته على مسلم، ولا على كافر، لا في حدّ، ولا في غيره، ولا فرق بين السفر والحضر في ذلك، وقَبِل شهادتهم جماعة من التابعين، وبعض الفقهاء، إذا لم يوجد مسلم، واستثنى أحمد حالة السفر، إذا لم يوجد مسلم.
وأجاب القرطبيّ عن الجمهور عن واقعة اليهود بأنه - صلى الله عليه وسلم - نَفَّذَ عليهم ما عَلم أنه حكم التوراة، وألزمهم العمل به؛ إظهارًا لتحريفهم كتابهم، وتغييرهم حُكمه، أو كان ذلك خاصًّا بهذه الواقعة، كذا قال، والثاني مردود.
وقال النوويّ: الظاهر أنه رجمهما بالاعتراف، فإن ثبت حديث جابر، فلعل الشهود كانوا مسلمين، وإلا فلا عبرة بشهادتهم، ويتعيَّن أنهما أقرّا بالزنا.
قال الحافظ: لم يثبت أنهم كانوا مسلمين، ويَحْتَمِل أن يكون الشهود أخبروا بذلك لسؤال بقية اليهود لهم، فسمع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كلامهم، ولم يحكم فيهم