ومقصود هذا البحث: أن هذه الآيات المراد بها: أهل الكفر، والعناد، وأنها كانت ألفاظها عامة، فقد خرج منها المسلمون؛ لأنَّ ترك العمل بالحكم مع الإيمان بأصله هو دون الشرك، وقد قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}[النساء: ٤٨]، وترك الحكم بذلك ليس بشرك بالاتفاق، فيجوز أن يُغفر، والكفر لا يُغفر، فلا يكون ترك العمل بالحكم كفرًا. ويعتضد هذا بالقاعدة المعلومة من الشرع المتقدمة، والظلم والفسق في هاتين الآيتين المراد بهما: الكفر؛ لأنَّ الكافر وَضَعَ الشيء في غير موضعه، وخرج عن الحق، فصدق على الكافر: أنَّه ظالم وفاسق، بل هو أحق بذينك الاسمين ممن ليس بكافر؛ لأنَّ ظُلمه أعظم الظلم، وفسقه أعظم الفسق. وقد تقدَّم في الإيمان بيان كُفر دون كُفر، وظُلم دون ظُلم. انتهى كلام القرطبيّ - رحمه الله - (١)، وهو بحث مفيد، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
حديث البراء بن عازب - رضي الله عنهما - هذا من أفراد المصنّف - رحمه الله -.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٦/ ٤٤٣٢ و ٤٤٣٣](١٧٠٠)، و (أبو داود) في "الحدود"(٤٤٤٧ و ٤٤٤٨)، و (النسائيّ) في "الكبرى"(٤/ ٢٩٤ و ٦/ ٣٣٤)، و (ابن ماجه) في "الحدود"(٢٣٣٧ و ٢٥٥٨)، و (أحمد) في "مسنده"(٤/ ٢٨٦ و ٢٩٠ و ٣٠٠)، و (أبو عوانة) في "مسنده"(٤/ ١٤٤ و ١٤٥)، و (ابن أبي عاصم) في "الأوائل"(١/ ٩٩)، و (الطحاويّ) في "شرح معاني الآثار"(٤/ ١٤٢)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(٨/ ٢١٤ و ٢٤٦)، وفوائد الحديث تقدّمت، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رحمه الله - أوّل الكتاب قال:
[٤٤٣٣](. . .) - (حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ إِلَى قَوْلِهِ:"فَأَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَرُجِمَ"، وَلَمْ يَذْكُرْ مَا بَعْدَهُ مِنْ نُزُولِ الآيَةِ).