أبي هريرة هناك بدونها، وسيأتي قريبًا أيضًا، وعلى تقدير أن مالكًا تفرد بها، فهو من الحفاظ، وزيادته مقبولة، وقد سبق الجواب عن مفهومها (١).
(قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا) قيل: أعاد الزنا في الجواب غير مُقَيَّد بالإحصان للتنبيه على أنه لا أثر له، وأن موجب الحدّ في الأمة مُطْلَق الزنا.
ومعنى "اجلدوها"؛ أي: الحد اللائق بها المبيَّن في الآية، وهو نصف ما على الحرة، وقد وقع في رواية أخرى عن أبي هريرة: "فليجلدها الحدّ".
والخطاب في "اجلدوها" لمن يَمْلك الأمة، فاستُدِلّ به على أن السيد يقيم الحدّ على من يملكه، من جارية، أو عبد، أما الجارية فبالنصّ، وأما العبد فبالإلحاق.
[تنبيه]: قال النوويّ - رحمه الله -: قال الطحاويّ: لم يذكر أحد من الرواة قوله: "ولم تحصن" غير مالك، وأشار بذلك إلى تضعيفها، وأنكر الحفاظ هذا على الطحاويّ، قالوا: بل روى هذه اللفظة أيضًا بن عيينة، ويحيى بن سعيد، عن ابن شهاب، كما قال مالك، فحصل أن هذه اللفظة صحيحة، وليس فيها حكم مخالف؛ لأن الأمة تُجلد نصف جلد الحرة، سواء كانت الأمة محصنة بالتزويج، أم لا، وفي هذا الحديث بيان من لم يُحْصِن، وقوله تعالى:{فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ}[النساء: ٢٥] فيه بيان من أُحصنت، فحصل من الآية الكريمة والحديث بيان أن الأمة المحصنة بالتزويج، وغير المحصنة تُجلد، وهو معنى ما قاله عليّ - رضي الله عنه -، وخطب الناس به.
[فإن قيل]: فما الحكمة في التقييد في قوله تعالى: {فَإِذَا أُحْصِنَّ} مع أن عليها نصف جلد الحرة، سواء كانت الأمة محصنة أم لا؟.
[فالجواب]: أن الآية نبهت على أن الأمة، وإن كانت مزوَّجة لا يجب عليها إلا نصف جلد الحرة؛ لأنه الذي ينتصف، وأما الرجم فلا ينتصف، فليس مرادًا في الآية بلا شكّ، فليس للأمة المزوجة الموطوءة في النكاح حُكم الحرة الموطوءة في النكاح، فبيّنت الآية هذا؛ لئلا يتوهم أن الأمة المزوجة