تُرجم، وقد أجمعوا على أنها لا ترجم، وأما غير المزوجة فقد علمنا أن عليها نصف جلد المزوجة، بالأحاديث الصحيحة، منها حديث مالك هذا، وباقي الروايات المطلقة:"إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها"، وهذا يتناول المزوجة وغيرها. وهذا الذي ذكرناه من وجوب نصف الجلد على الأمة، سواء كانت مزوجة أم لا، هو مذهب الشافعيّ، ومالك، وأبي حنيفة، وأحمد، وجماهير علماء الأمة، وقال جماعة من السلف: لا حدّ على من لم تكن مزوجة من الإماء والعبيد، وممن قاله: ابن عباس، وطاوس، وعطاء، وابن جريج، وأبو عبيدة. انتهى (١).
وقال القرطبيّ رحمهُ اللهُ: وقوله: "سُئِل عن الأَمَة إذا زنت ولم تحصن": هذه الزيادة التي هي قوله: "ولم تحصن" هي رواية مالك، عن ابن شهاب، قال الطحاويّ: لم يقله غير مالك، قال غيره: ليس ذلك بصحيح، بل قد رواه سفيان بن عيينة، ويحيى بن سعيد، عن ابن شهاب، كما قاله مالك.
واختُلِف في تأويل قوله:"ولم تحصن"، فقيل: لم تَعْتِق، وتكون فائدته: أنها لو زنت وهي مملوكة فلم يحدَّها سيِّدها حتى عَتَقت لم يكن له سبيل لِجَلدها، والإمام هو الذي يقيم ذلك عليها إذا ثبت عنده. وقيل: ما لم تتزوَّج، وفائدة ذلك: أنَّها إذا تزوَّجت لم يكن للسِّيد أن يجلدها لحقّ الزوج؛ إذ قد يضره ذلك، وهذا مذهب مالك إذا لم يكن الزوج مُلكًا للسيِّد، فلو كان جاز للسيِّد ذلك؛ لأنَّ حقَّهُما حقُّه. وقيل: لم تُسلم، وفائدته: أن الكافرة لا تُحدُّ، وإنما تُعزَّر وتُعاقب، وعلى هذا فيكون الجَلد المأمور به في هذا الحديث على جهة التعزير، لا الحدّ. وهذا كله إنَّما هو تَنَزُّل على أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - علَّق الجلد المأمور به في الجواب على نفي الإحصان المأخوذ قيدًا في السؤال، وعلى القول بدليل الخطاب، وحينئذ يكون هذا الحديث على نقيض قوله تعالى:{فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ}[النساء: ٢٥]، فإنّ شَرْط الجلد في الإحصان، وشرط الحدّ في الآية ثبوت الإحصان، فلا بدَّ أن يكون أحد الإحصانين غير الآخر. ولو قدَّرناه واحدًا