للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تعالى، وليس بتعزير، فإنَّه قد سمَّاه حدًّا، وصرَّح بإلغاء اعتبار الإحصان مطلقًا؛ إذ سوَّى بين وجوده وعدمه، فتُحدُّ الأَمَة الزانية على أيّ حال كانت، ويُعتذر عن تخصيص الإحصان في الآية بالذِّكر بأنه أغلب حال الإماء، أو الأهم في مقاصد الناس، لا سيما إذا حُمل الإحصان على الإسلام، وهو أولى الأقوال على ما قد أوضحه القاضي أبو بكر بن العربيّ، والله تعالى أعلم. انتهى كلام القرطبيّ رحمهُ اللهُ (١).

[تنبيه آخر]: قال في "الفتح": قد اختَلَف السلف فيمن يقيم الحدود على الأرقاء، فقالت طائفة: لا يقيمها إلا الإمام، أو من يأذن له، وهو قول الحنفية، وعن الأوزاعيّ، والثوريّ: لا يقيم السيد إلا حدّ الزنا.

واحتَجّ الطحاويّ بما أورده من طريق مسلم بن يسار قال: كان أبو عبد الله رجل من الصحابة يقول: "الزكاة، والحدود، والفيء، والجمعة إلى السلطان".

قال الطحاويّ: لا نعلم له مخالفًا من الصحابة.

وتعقبه ابن حزم، فقال: بل خالفه اثنا عشر نفسًا من الصحابة.

وقال آخرون: يقيمها السيد، ولو لم يأذن له الإمام، وهو قول الشافعيّ.

وأخرج عبد الرزاق بسند صحيح عن ابن عمر في الأمة إذا زنت، ولا زوج لها: يَحُدّها سيدها، فإن كانت ذات زوج فأمْرها إلى الإمام، وبه قال مالك، إلا إن كان زوجها عبدًا لسيدها، فأمْرها إلى السيد، واستثنى مالك القطع في السرقة، وهو وجه للشافعية، وفي آخر: يُستثنى حدّ الشرب.

واحتَجّ للمالكية بأن في القطع مُثلةً، فلا يُومَن السيد أن يريد أن يمثّل


= (٧٢٠١)، وإنما ذُكر الإحصان فيما أخرجه البيهقيّ في "الكبرى"، حيث قال (٨/ ٢٤٢):
(١٦٨٦٧) - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا أحمد بن حازم بن أبي غرزة، ثنا علي بن قادم، أنبأ عبد السلام، عن السديّ، عن عبد خير، عن عليّ - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا زنت إماؤكم، فأقيموا عليهنّ الحدود، أحصنّ، أو لم يحصنّ". انتهى.
(١) "المفهم" ٥/ ١٢٢ - ١٢٤.