(عَنْ أَبِي عبد الرَّحْمَنِ) عبد الله بن حبيب السُّلَميّ أنه (قَالَ: خَطَبَ عَلِيٌّ) ابنُ أبي طالب - رضي الله عنه - (فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ) أراد المسلمين، (أَقِيمُوا عَلَى أَرِقَّائِكُمُ) جمع رقيق، كشديد، وأشدّاء،. قال في "الخلاصة":
وقوله:(الْحَدَّ) منصوب على المفعوليّة لـ"أقيموا"، وفيه أن السيّد يقيم الحدّ على رقيقه، وهو مذهب الجمهور، وهو الصحيح؛ لهذا الحديث، وللحديث الماضي:"إذا زنت أمة أحدكم، فتبيّن زناها، فليجدها الحدّ … "، وهو أصرح في المقصود، وخالف في ذلك الحنفيّة، وأوَّلوا الحديث بتأويل متكلّف، ومتعسّف، والحقّ أحقّ أن يُتبع، فلا تكن أسير التقليد، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.
(مَنْ أَحْصَنَ مِنْهُمْ، وَمَنْ لَمْ يُحْصِنْ) بالبتاء للفاعل، والإحصان في الأصل: المنع، والمراد به هنا التزوّج، قال في "العمدة": والمرأة تكون محصنة بالإسلام، والعفاف،. والحريّة، والتزوج، يقال: أحصنت المرأة فهي مُحصِنة، وكذا الرجل، والمحصَن بالفتح يكون بمعنى الفاعل، والمفعول، وهو أحد الثلاثة التي جئن نوادر، يقال: أحصن فهو محصَن، وأسهب فهو مسْهَب، وأفلج فهو مُفلَج. انتهى (١).
وقال الفيّوميّ رحمهُ اللهُ: والحَصَانُ بالفتح: المرأة العفيفة، وجمعها: حُصُنٌ، وقد حَصُنَتْ مثلث الصاد، وهي بَيِّنة الحَصَانَةِ بالفتح؛ أي: العِفّة، وأَحْصَنَ الرجل بالألف: تزوج، والفقهاء يزيدون على هذا: وطئ في نكاح صحيح، قال الشافعيّ: إذا أصاب الحرّ البالغ امرأته، أو أُصيبت الحرة البالغة بنكاح، فهو إِحْصَانٌ في الإسلام، والشرك، والمراد: في نكاح صحيح، واسم الفاعل من أَحْصَنَ إذا تزوج: مُحْصِن، بالكسر على القياس، قاله ابن القطاع، ومُحْصَنٌ بالفتح على غير قياس، والمرأة: مُحْصَنَةٌ بالفتح أيضًا على غير قياس،