للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال في "الفتح": كذا قيّده بالشراب، وهو متّفقٌ عليه، ولا يَرِد عليه أن غير الشراب ما يُسكر؛ لأن الكلام إنما هو في أنه هل يُسمَّى خمرًا أم لا؟.

ثم أورد بسنده عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: خطب عمر على منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إنه قد نزل تحريم الخمر، وهي من خمسة أشياء: العنب، والتمر، والحنطة، والشعير، والعسل، والخمرُ ما خامر العقل … الحديث.

وفي رواية: "قال: الخمر تُصنع من خمسة: من الزبيب، والتمر، والحنطة، والشعير، والعسل".

قال في "الفتح": قوله: "من العنب … إلخ" هذا الحديث أورده أصحاب المسانيد، والأبواب، في الأحاديث المرفوعة؛ لأن له عندهم حكمَ الرفع؛ لأنه خبر صحابيّ شَهِد التنزيل، أخبر عن سبب نزولها، وقد خَطَب به عمر على المنبر بحضرة كبار الصحابة، وغيرهم، فلم يُنقل عن أحد منهم إنكاره، وأراد عمر بنزول تحريم الخمر الآية المذكورة في أول كتاب الأشربة، وهي آية المائدة: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} إلى آخرها [المائدة: ٩٠]، فأراد عمر التنبيه على أن المراد بالخمر في هذه الآية ليس خاصًّا بالمتخَذ من العنب، بل يتناول المتخذ من غيرها، ويوافقه حديث أنس الماضي (١) فإنه يدلّ على أن الصحابة فَهِموا من تحريم الخمر تحريم كل مشكر، سواءٌ كان من العنب، أم من غيرها.

وقد جاء هذا الذي قاله عمر، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - صريحًا، فأخرج أصحاب "السنن" الأربعة، وصححه ابن حبان من وجهين، عن الشعبي، أن النعمان بن بشير قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن الخمر من العصير، والزبيب، والتمر، والحنطة، والشعير، والذُّرَة، وإني أنهاكم عن كل مسكر"، لفظ أبي


(١) هو ما أخرجه البخاريّ عن أنس - رضي الله عنه -: "أن الخمر حرّمت، والخمر يومئذ البسر والتمر"، وقال أيضًا: "كنت أسقي أبا عبيدة، وأبا طلحة، وأُبيّ بن كعب من فضيخ زَهْو وتمر، فجاءهم آتٍ، فقال: إن الخمر قد حرّمت، فقال أبو طلحة: قم يا أنس فهَرِقها، فَهَرَقتها".