داود، وكذا ابن حبان، وزاد فيهْ أن النعمان خطب الناس بالكوفة.
ولأبي داود من ؤجه آخر، عن الشعبيّ، عن النعمان، بلفظ:"إن من العنب خمرًا، وإن من التمر خمرًا، وإن من العسل خمرًا، وإن من البُرّ خمرًا، وإن من الشعير خمرًا".
ومن هذا الوجه أخرجها أصحاب "السنن"، والتي قبلها فيها الزبيب دون العسل.
ولأحمد من حديث أنس بسند صحيح عنه قال:"الخمر من العنب، والتمر، والعسل، والحنطة، والشعير، والذرة"، أخرجه أبو يعلى من هذا الوجه، بلفظ:"حُرِّمت الخمر يوم حُرّمت، وهي .. "،. فذكرها، وزاد:"الذُّرَة".
وأخرج الخلعي في "فوائده" من طريق خلاد بن السائب، عن أبيه، رفعه مثل الرواية الثانية، لكن ذكر الزبيب بدل الشعير، وسنده لا بأس به، ويوافق ذلك ما تقدم في "التفسير" من حديث ابن عمر: "نزل تحريم الخمر، وإن بالمدينة يومئذ لخمسة أشربة، ما فيها شراب العنب".
وقوله:"والخمر ما خامر العقل"؛ أي: غَطّاه، أو خالطه، فلم يتركه على حاله، وهو من مجاز التشبيه، والعقل هو آلة التمييز، فلذلك حَرُم ما غَطّاه، أو غَيَّره؛ لأن بذلك يزول الإدراك الذي طلبه الله من عباده؛ ليقوموا بحقوقه.
قال الكرمانيّ: هذا تعريف بحسب اللغة، وأما بحسب العُرف فهو ما يخامر العقل، من عصير العنب خاصّة.
قال الحافظ: كذا قال، وفيه نظر؛ لأن عمر - رضي الله عنه - ليس في مقام تعريف اللغة، بل هو في مقام تعريف الحكم الشرعيّ، فكأنه قال: الخمر الذي وقع تحريمه في لسان الشرع هو ما خامر العقل، على أن عند أهل اللغة اختلافًا في ذلك، كما قدمته، ولو سُلِّم أن الخمر في اللغة يختص بالمتخذ من العنب، فالاعتبار بالحقيقة الشرعية، وقد تواردت الأحاديث على أن المسكر من المتخذ من غير العنب يسمى خمرًا، والحقيقة الشرعية مقدمة على اللغوية، وقد ثبت في "صحيح مسلم" عن أبي هريرة، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"الخمر من هاتين الشجرتين: النخلة، والعنبة".