للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

نرى أن تَجْلِدَه ما دام وَجِعًا، فسكت عمر عن جلده أيامًا، ثم أصبح يومًا وقد عزم على جلده، فاستشارهم، فقالوا: لا نرى أن تجلده ما دام وَجِعًا، فقال عمر - رضي الله عنه -: والله لأن يلقى الله تحت السياط أحبُّ إليَّ من أن ألقى الله وهي في عنقي، والله لأجلدنَّه، فجلده بسوط بين سوطين. وهذا يدلُّ على أنَّه لا يلزم في ذلك دية لا على العاقلة، ولا في بيت المال؛ لأنَّ عمر سلك في حد الخمر مسلك الحدود المحدودة بالنصّ، وأمَّا حدّ عمر لقدامة على ما ذكروا له من وَجَعِه، فكأنه فَهِم أن وجعه لم يكن بحيث يبالى به، ولا يُخاف منه، وكأنهم اعتذروا به ليتأخر ضَرْبه شفقةً عليه، وحُنُوًّا، وقد ظهر ذلك منهم لمّا أَتَوه بسوطٍ دقيق صغير، فقال لِأَسْلَم: أخذتك دِقْرارة أهلك؛ أي: حميّتهم الحاملة على المخالفة.

واختلفوا فيمن مات من التعزير، فقال الشافعي: عَقْلُه على الإمام، وعليه الكفارة، وقيل: على بيت المال، وجمهور العلماء: على أنَّه لا شيء عليه. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: ما ذهب إليه الجمهور، من عدم وجوب شيء في موت من مات في التعزير هو الأرجح عندي؛ لأن هذا التعزير بأمر الشارع، وإن لم يكن محدّدًا، فكيف يجب عليه الضمان في المأذون له؟ فليُتأمّل، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث عليّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [٩/ ٤٤٥٠ و ٤٤٥١] (١٧٠٧)، و (البخاريّ) في "الحدود" (٦٧٧٨)، و (أبو داود) في "الحدود" (٤٤٨٦)، و (النسائيّ) في "الكبرى" (٥٢٧١ و ٥٢٧٢)، و (ابن ماجه) في "الحدود" (٢٥٦٩)، و (الطيالسيّ) في "مسنده" (١/ ٢٦)، و (عبد الرزّاق) في "مصنّفه" (٧/ ٣٧٨ و ٩/ ٤٥٧)، و (ابن


(١) "المفهم" ٥/ ١٣٧ - ١٣٨.