للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الزيادة، لكن لا يجاوز أدنى الحدود، وهذا رأي الإصطخريّ من الشافعية، وكأنه لم يقف على الرواية الواردة بلفظ الضرب.

ومنها: أنه منسوخٌ دلَّ على نسخه إجماع الصحابة.

ورُدّ بأنه قال به بعض التابعين، وهو قول الليث بن سعد، أحد فقهاء الأمصار.

ومنها: معارضة الحديث بما هو أقوى منه، وهو الإجماع على أن التعزير يخالف الحدود، وحديث الباب يقتضي تحديده بالعشر فما دونها، فيصير مثل الحدّ، وبالإجماع على أن التعزير موكول إلى رأي الإمام فيما يرجع إلى التشديد والتخفيف، لا من حيث العدد؛ لأن التعزير شُرع للردع، ففي الناس من يَرْدَعُهُ الكلام، ومنهم من لا يَرْدَعه الضرب الشديد، فلذلك كان تعزير كلِّ أحدٍ بحَسَبه.

وتُعُقِّب بأن الحدّ لا يزاد فيه، ولا يُنقص فاختلفا، وبأن التخفيف والتشديد مسلَّم، لكن مع مراعاة العدد المذكور، وبأن الردع لا يُرَاعَى في الأفراد، بدليل أن من الناس من لا يردعه الحدّ، ومع ذلك لا يُجمع عندهم بين الحد والتعزير، فلو نُظِر إلى كل فرد لقيل بالزيادة على الحدّ، أو الجمع بين الحد والتعزير.

ونقل القرطبيّ أن الجمهور قالوا بما دلّ عليه حديث الباب، وعَكَسه النوويّ، وهو المعتمَد، فإنه لا يُعرف القول به عن أحد من الصحابة، واعتذر الداوديّ، فقال: لم يبلغ مالكًا هذا الحديث، فكان يرى العقوبة بقَدْر الذنب، وهو يقتضي أنه لو بلغه ما عدل عنه، فيجب على من بلغه أن يأخذ به. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: عندي العمل بمقتضى حديث الباب - كما هو رأي جماعة - هو الحقّ؛ لظهور دلالته، وعدم معارِض صحيح له، فوجب العمل به.

والحاصل أنه لا يزاد في التعزير على عشرة أسواط، كما دلّ عليه النصّ


(١) "الفتح" ١٥/ ٦٩٩ - ٧٠٠، كتاب "الحدود" رقم (٦٨٤٨).