لكن رواية هشام التي قبلها بلفظ "عن حكيم بن حزام" بيّنت الاتصال، ولفظ البخاريّ في "كتاب العتق" من طريق أبي أسامة عن هشام: أخبرني أبي، أن حكيم بن حزام - رضي الله عنه - أعتق في الجاهلية مائة رقبة، وحمل على مائة بعير، فلما أسلم حمل على مائة بعير، وأعتق مائة رقبة، قال: فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: يا رسول الله، أرأيت أشياء كنت أصنعها في الجاهلية، كنت أتحنث بها؟ - يعني أتبرر بها - قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أسلمت على ما سلف لك من خير". انتهى.
فقال في "الفتح": ظاهر سياقه الإرسال؛ لأن عروة لم يدرك زمن ذلك، لكن بقيّة الحديث أوضحت الوصل، وهي قوله:"قال: فسألت"، ففاعل "قال" هو حكيم، فكأن عروة قال: قال حكيم، فيكون بمنزلة قوله:"عن حكيم". انتهى (١).
وقوله:(ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -) ظاهره أن إتيانه بعدما فعل في الإسلام مثلما فعله في الجاهليّة، والرواية التي قبل هذا تدلّ على أنه إنما أتى قبل ذلك؛ حيث قال:"فوالله لا أدع شيئًا صنعته في الجاهليّة … إلخ"، فيحتمل أن تكون "ثمّ" لمجرّد العطف دون الترتيب، كما قال تعالى:{وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ} الآية [الأعراف: ١١]، ويحتمل أن يكون أتى مرتين، قبل أن يفعل، وبعدما فعل؛ زيادة في الإطمئنان بما أخبره به النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، والله تعالى أعلم.
وقوله:(فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِهِمْ) الضمير لعبد الله بن نُمير: أي ذكر عبد الله نحو حديث الرواة السابقين.
[تنبيه]: رواية ابن نمير ساقها الحافظ أبو نُعيم في "مستخرجه"(١/ ١٩٢)، فقال:
(٣٢٠) حدثنا أبو بكر الطلحيّ، ثنا عبيد الله بن غنام، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا ابن نمير، عن هشام بن عروة، عن أبيه، أن حكيم بن حزام أعتق في الجاهلية مائة رقبة، وحمل على مائة بعير، ثم أعتق في الإسلام مائة رقبة، وحمل على مائة بعير، ثم أتى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله، أرأيت شيئًا كنت أفعله في الجاهلية، أتحنث به، هل لي فيه أجر؟ فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: