عندهم: أن من استوقد نارًا مما يجوز له، فتعدَّت حتى أتلفت شيئًا فلا ضمان عليه، قال: وقال بعضهم: صحَّفها بعضهم؛ لأنَّ أهل اليمن يكتبون النار بالياء، لا بالألف، فظَنّ بعضهم البئر الموحدة النار بالنون، فرواها كذلك.
قال الحافظ: هذا التأويل نقله ابن عبد البر وغيره عن يحيى بن معين، وجزم بأن معمرًا صحَّفه، حيث رواه عن همام، عن أبي هريرة، قال ابن عبد البرّ: ولم يأت ابن معين على قوله بدليل، وليس بهذا تُرَدُّ أحاديث الثقات.
قال الحافظ: ولا يُعْتَرَض على الحفاظ الثقات بالاحتمالات، ويؤيد ما قال ابن معين اتفاق الحفاظ من أصحاب أبي هريرة على ذكر البئر دون النار، وقد ذكر مسلم - رحمه الله - في "مقدّمة صحيحه" أن علامة المنكَر في حديث المحدِّث أن يَعْمِد إلى مشهور بكثرة الحديث والأصحاب، فيأتي عنه بما ليس عندهم، وهذا من ذاك، ويؤيده أيضًا أنَّه وقع عند أحمد من حديث جابر - رضي الله عنه - بلفظ:"والْجُبّ جُبار" بجيم مضمومة، وموحدة ثقيلة، وهي البئر، وقد اتفق الحفاظ على تغليط سفيان بن حسين حيث رَوَى عن الزهريّ في حديث الباب:"الرِّجْل جُبَار" بكسر الراء، وسكون الجيم، وما ذاك إلا أن الزهري مُكثِر من الحديث والأصحاب، فتَفَرَّد سفيانُ عنه بهذا اللفظ، فَعُدَّ منكرًا، وقال الشافعيّ: لا يصحّ هذا، وقال الدارقطنيّ: رواه عن أبي هريرة: سعيد بن المسيِّب، وأبو سلمة، وعبيد الله بن عبد الله، والأعرج، وأبو صالح، ومحمد بن زياد، ومحمد بن سيرين، فلم يذكروها، وكذلك رواه أصحاب الزهريّ، وهو المعروف.
نَعَمْ الحُكم الذي نقله ابن العربي صحيح، ويمكن أن يتلقى من حيث المعنى من الإلحاق بالعجماء، ويلتحق به كل جماد، فلو أن شخصًا عَثَرَ فوقع رأسه في جدار فمات، أو انكسر، لم يجب على صاحب الجدار شيء. انتهى كلام الحافظ - رحمه الله - (١).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي في اعتراض الحافظ على الإمام