للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أفطن لها، وأعْرَف بها، أو أقدر على بيان مقصوده، وأبْيَن كلامًا، قال ابن الأثير: اللحْنُ: الميل عن جهات الاستقامة، يقال: لَحَنَ في كلامه: إذا مال عن صحيح المنطق، والمعنى: أن بعضكم يكون أعْرَف بالحجة، وأفطن لها من غيره. ويقال: لَحَنتُ لفلان: إذا قلتَ له قولًا يفهمه عنك، ويخفى على غيره؛ لأنك تُميله بالتورية عن الواضح المفهوم، ومنه لَحِنَ الرجل، فهو لَحِنٌ، من باب تعب: إذا فَهِمَ، وفطِنَ لِمَا لا يَفْطَنُ له غيره. انتهى (١).

وقال الفيّوميّ رحمه الله: اللحَنُ - بفتحتين -: الفِطنة، وهو مصدر، من باب تَعِبَ، والفاعل لَحِنٌ، ويتعدّى بالهمزة، فيقال: ألحنته عنّي، فلَحِن؛ أي: أفطنته، ففطِن، وهو سُرعة الفهم، وهو ألحن من زيد؛ أي: أسْبَق فهمًا منه. انتهى.

وقال في "القاموس": ولَحَنَ له: قال له قولًا يُفهمه عنه، ويخفى على غيره، ولَحَنَ إليه: مال، وألحنه القول: أفهمه إيّاه، فلَحِنه، كسَمِعه، وجعَله: فهمه، ولَحِنَ كفرِح: فَطِنَ لحجّته، وانتبه. انتهى.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: يُفهم مما سبق أن اللَّحَنَ بمعنى الفِطنة للحُجَّة بالكسر من باب تَعِب، وأما بمعنى الفهم، فهو من بابَيْ سمع، وجعل.

وذكر القرطبيّ في "المفهم" (٢) جواز فتح الماضي وكَسْره إذا كان بمعنى الفطنة، وفيه نظرٌ، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

وقد جاء هذا اللفظ مفسَّرًا في الرواية التالية، حيث قال: "فلعلّ بعضهم أن يكون أبلغ من بعض"؛ أي: أكثر بلاغةً، وإيضاحًا لحُجته، والمراد: أنه إذا كان أفطن كان قادرًا على أن يكون أبلغ في حُجته من الآخر (٣).

وقال الزرقانيّ في "شرح الموطّأ": قوله: "ألحن" من اللَّحَن بفتح الحاء: الفطنة؛ أي: أبلغ، وأفصح في تقرير مقصوده وأعلم ببيان دليله، وأقدر على البرهنة على دفع دعوى خصمه، بحيث يُظَنّ أن الحق معه، وهو كاذب. هذا ما عليه أكثر الشراح، وجوَّز بعضهم أنه من اللَّحْن بسكون الحاء، وهو الصرف


(١) "النهاية" ٤/ ٢٤١.
(٢) "المفهم" ٥/ ١٥٥.
(٣) راجع: "الفتح" ١٦/ ٢٥٨، كتاب "الحيل" رقم (٦٩٦٧).