للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عن الصواب؛ أي: يكون أعجز عن الإعراب بالحجة، وضَعفه لا يخفى، وجملة "أن يكون" خبر "لعل"، من قبيل: رجل عدل؛ أي: كائن، أو "أن" زائدة، أو المضاف محذوف؛ أي: لعل وصْفَ بعضكم أن يكون ألحن بحجته (١).

وزاد في رواية الزهريّ الآتية: "فأحسب أنه صادقٌ، فأقضي له بذلك"؛ أي: أحكم للذي غلب بحجته على خصمه، فلا حاجة إلى قوله في "الاستذكار": "فأقضي له"؛ أي: عليه، وإن كان الواقع أن الحقّ لخصمه، لكنه لم يفطن لحجته، ولم يقدر على معارضته (٢).

(فَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوٍ مِمَّا أَسْمَعُ مِنْهُ) وفي بعض النسخ: "على نحو ما أسمع"؛ أي: لبناء الأحكام الشرعيّة على الظاهر، و"من" في "مما" بمعنى "لأجل"، أو بمعنى "على"؛ أي: أقضي على الظاهر من كلامه، (فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ)؛ أي: خصمه، فهو أخوّة بالمعنى الأعمّ، وهو الجنس؛ لأن المسلم، والذمي، والمعاهَد، والمرتدّ، في هذا الحكم سواء، فهو مُطّرد في الأخ من النسب، ومن الرضاع، وفي الدِّين، وغير ذلك، ويَحْتَمِل أن يكون تخصيص الأخوة بالذكر من باب التهييج، وفي رواية يونس: "بحق مسلم".

(شَيْئًا) هكذا بالنصب، وكأنه ضَمَّنَ "قضيت" معنى "أعطيت"، وفي رواية مالك، ومعمر: "فمن قضيت له بشيء من حق أخيه"، ووقع عند أبي داود بلفظ: "فمن قضيت له من حق أخيه بشيء، فلا يأخذه"، وفي رواية عبد الله بن رافع، عند الطحاويّ، والدارقطنيّ: "فمن قضيت له بقضية، أراها يقطع بها قطعة ظلمًا، فإنما يقطع له بها قطعة من نار إسطامًا، يأتي بها في عنقه يوم القيامة"، و"الإسطام" - بكسر الهمزة، وسكون السين المهملة، والطاء المهملة -: قطعة، فكأنها للتأكيد، أفاده في "الفتح" (٣).

(فَلَا يَأْخُذْهُ)؛ أي: لكونه حرامًا، يستحقّ به العقاب، كما بيّنه بقوله: (فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ بِهِ)؛ أي: أقطع له بسببه، فالكلام من باب الحذف والإيصال


(١) "شرح الزرقاني على الموطأ" ٣/ ٤٨٥.
(٢) "شرح الزرقانيّ" ٣/ ٤٨٥.
(٣) راجع: "الفتح" ١٧/ ٧، كتاب "الأحكام" رقم (٧١٨١).