(قِطْعَةً مِنَ النَّارِ") وفي رواية الزهريّ: "فإنما هي قطعة من النار"، وقوله: "فإنما هي": الضمير للحالة، أو القصة. وقوله: "قطعة من النار"؛ أي: الذي قضيت له به بحسب الظاهر، إذا كان في الباطن لا يستحقه، فهو عليه حرام، يؤول به إلى النار. وقوله: "قطعة من النار": تمثيل يُفهم منه شدة التعذيب على من يتعاطاه، فهو من مجاز التشبيه، كقوله تعالى:{إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا}[النساء: ١٠].
زاد في رواية ابن شهاب: "فليحملها، أو يذرها"، ولفظ البخاريّ: "فليأخذها، أو ليتركها"، وفي رواية مالك، عن هشام: "فلا يأخذه؛ فإنما أقطع له قطعة من النار".
قال الدارقطنيّ: هشام، وإن كان ثقة، لكن الزهريّ أحفظ منه، وحكاه الدارقطنيّ عن شيخه أبي بكر النيسابوري. قال الحافظ: ورواية الزهريّ ترجع إلى رواية هشام، فإن الأمر فيه للتهديد، لا لحقيقة التخيير، بل هو كقوله:{فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}[الكهف: ٢٩]. قال ابن التين: هو خطاب للمَقْضِيّ له، ومعناه: أنه أعلم من نفسه، هل هو مُحِقّ، أو مبطل؟ فإن كان محقًّا فليأخذ، وإن كان مبطلًا فليترك، فإن الحكم لا ينقل الأصل عما كان عليه.
[تنبيه]: زاد عبد الله بن رافع، في آخر الحديث: "فبكى الرجلان، وقال كل منهما: حقي لك، فقال لهما النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: أَمّا إذا فعلتما، فاقتسما، وتَوَخّيا الحقّ، ثم اسْتَهِما، ثم تحالَلا". ذكره في "الفتح" (١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أُمِّ سلمة - رضي الله عنها - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٣/ ٤٤٦٥ و ٤٤٦٦ و ٤٤٦٧ و ٤٤٦٨](١٧١٣)،