للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْحَقَّ} الآية [النساء: ١٧١]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبده، فقولوا: عبد الله ورسوله"، متّفق عليه.

وبالجملة فهذا الأمر من الأخطار التي سوّلها الشيطان لأوليائه، وأوقعهم في شبكتها، وهنّاهم، ومنّاهم، فلا حول ولا قوة إلا بالله، فالواجب على العاقل الانتباه بها، والحذر، والتحذير منها، {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (٨)} [آل عمران: ٨]، اللهم أرنا الحقّ حقًّا، وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا، وارزقنا اجتنابه، آمين.

وقوله: (فَأَحْسِبُ أَنَّهُ صَادِقٌ): هذا يُؤْذِن أن في الكلام حذفًا تقديره: وهو في الباطن كاذب، وفي رواية معمر: "فأظنه صادقًا".

وقال القرطبيّ رحمه الله: قوله: "فأحسب أنه صادق" فيه دليل على العمل بالظنون، وبناء الأحكام عليها، وهو أمرٌ لم يُختلف فيه في حقّ الحاكم والمفتي. انتهى (١).

وقوله: (فَأَقْضِي لَهُ) وفي رواية البخاريّ: "فأقضي له بذلك"، وفي رواية أبي داود من طريق الثوريّ: "فأقضي له عليه على نحو مما أسمع"، وفي رواية عبد الله بن رافع: "إني إنما أقضي بينكم برأي، فيما لم يُنزل عليّ فيه".

وقوله: (بِحَقِّ مُسْلِمٍ) قال النوويّ رحمه الله: التقييد بالمسلم خرج على الغالب، وليس المراد به الاحتراز من الكافر، فإن مال الذميّ، والمعاهَد، والمرتدّ في هذا كَمالِ المسلم. انتهى (٢).

وقوله: (فَإنَّمَا هِيَ قِطْعَةٌ مِنَ النَّارِ) الضمير للحالة، أو القصّة، وقال القرطبيّ رحمه الله: أَي: ما يأخذه بغير حقّه سبب يوصل آخذه إلى النار، وهو تمثيل يُفهم منه شدّة العذاب والتنكيل. انتهى (٣).

وقوله: (فَلْيَحْمِلْهَا) هو بمعنى قوله في الرواية الأخرى: "فليأخذها".

وقوله: (أَوْ يَذَرْهَا)؛ أي: يتركها.


(١) "المفهم" ٥/ ١٥٨.
(٢) "شرح النوويّ" ١٢/ ٦ - ٧.
(٣) "المفهم" ٥/ ١٥٨.