للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أبوك وأخواك، فاحمل أباك على فرس، وأعطه أربعة آلاف درهم، واحمل عتبة على بغل، وأعطه ألفي درهم، واحمل عنبسة على حمار، وأعطه ألف درهم، ففعل ذلك، فقال أبو سفيان: أشهد بالله، أن هذا عن رأي هند.

وكان عتبة منها، وعنبسة من غيرها، أمه عاتكة بنت أبي أُزيهر الأزديّ، وفي "الأمثال" للميداني: أنها عاشت بعد وفاة أبي سفيان، فإنه ذكر قصة فيها: أن رجلًا سأل معاوية أن يزوجه أمه، فقال: إنها قعدت عن الولد، وكانت وفاة أبي سفيان في خلافة عثمان، سنة اثنتين وثلاثين. ذكره في "الفتح" (١).

وقوله: (امْرَأَةُ أَبِي سُفْيَانَ) بدل من "هند"، (عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) متعلّق بـ"دخلت"، (فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ) هو صَخْر بن حَرْب بن أمية بن عبد شمس، وهو زوجها، وكان قد رَأَس في قريش بعد وقعة بدر، وسار بهم في أُحُد، وساق الأحزاب يوم الخندق، ثم أسلم ليلة الفتح، ومات سنة (٣٢)، وقيل: بعدها، وقد تقدّمت ترجمته في "الزكاة" ٤٤/ ٢٤٤٣.

(رَجُلٌ شَحِيحٌ) الشُّحُّ: البُخْل مع حرص، والشح أعمّ من البخل؛ لأن البخل يختص بمنع المال، والشح بكل شيء، وقيل: الشح لازم كالطبع، والبخل غير لازم.

وفي رواية معمر التالية: "رجل مُمْسِك"، وفي رواية ابن أخي الزهريّ الثالثة: "رجل مِسِّيك"، وسيأتي البحث فيه هناك.

قال القرطبيّ رحمه الله: لم تُرد هند وصف أبي سفيان بالشحّ في جميع أحواله، وإنما وصفت حالها معه، وأنه كان يُقَتِّر عليها، وعلى أولادها، وهذا لا يستلزم البخل مطلقًا، فإن كثيرًا من الرؤساء يفعل ذلك مع أهله، ويُؤْثِر الأجانب استئلافًا لهم. وسيأتي قريبًا ذِكر سبب لقول هند هذا، إن شاء الله تعالى.

وقوله: (لَا يُعْطِينِي مِنَ النَّفَقَةِ) بيان لمعنى شُحّه، وقوله: (مَا يَكْفِينِي) "ما" موصولة مفعول "يُعطي"، (وَيَكْفِي بَنِيَّ) جمع ابن، أصله: بنين لي، فأُضيف إلى ياء المتكلّم، فحُذفت نون الجمع، واللام، وأُدغمت الياء في الياء، وفُتحت، كما قال في "الخلاصة":


(١) "الفتح" ١٢/ ٢٦٥ - ٢٦٦، كتاب "النفقات" رقم (٥٣٦٤).