وتعقّبه الحافظ بأنه لا دلالة فيه لِمَا ادّعاه من أن بيت الشحيح لا يحتوي على كل ما يحتاج إليه؛ لأنها نفت الكفاية مطلقًا، فتناول جنس ما يحتاج إليه، وما لا يحتاج إليه، ودعواه أن منزل الشحيح كذلك مسلّمة، لكن من أين له أن منزل أبي سفيان كان كذلك؟ والذي يظهر من سياق القصة أن منزله كان فيه كل ما يحتاج إليه، إلا أنه كان لا يمكّنها إلا من القَدْر الذي أشارت إليه، فاستأذنت أن تأخذ زيادة على ذلك بغير علمه.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن تعقّب الحافظ على استدلال الخطّابيّ محلّ نظر، فإن استدلاله واضح، والله تعالى أعلم.
وقد وجه ابن الْمُنَيِّر قوله: إن في قصة هند دلالةً على أن لصاحب الحق أن يأخذ من غير جنس حقه، بحيث يحتاج إلى التقويم؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - أذن لهند، أن تفرض لنفسها وعيالها قَدْر الواجب، وهذا هو التقويم بعينه، بل هو أدقّ منه، وأعسر.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: ما قاله ابن المنيّر رحمه الله تحقيق حسن جدًّا، والله تعالى أعلم.
١٤ - (ومنها): أنه استُدِلّ به على أن للمرأة مدخلًا في القيام على أولادها، وكفالتهم، والإنفاق عليهم.
١٥ - (ومنها): أنه استُدلّ به على جواز حكم الحاكم بعلمه، وقد اختلف أهل العلم فيه، وسيأتي تحقيق الخلاف في المسألة الخامسة - إن شاء الله تعالى -.
١٦ - (ومنها): اعتماد العُرف في الأمور التي لا تحديد فيها من قِبَل الشرع، قال القرطبيّ رحمه الله: فيه اعتبار العرف في الشرعيات، خلافًا لمن أنكر ذلك لفظًا، وعمل به معنًى، كالشافعية. كذا قال، والشافعية إنما أنكروا العمل بالعرف، إذا عارضه النص الشرعي، أو لم يُرشد النص الشرعي إلى العرف.
[تنبيه]: قال الحافظ رحمه الله: أشكل على بعضهم استدلال البخاريّ رحمه الله بهذا الحديث على مسألة الظَّفر، في "كتاب الإشخاص"، حيث ترجم له:"قِصاص المظلوم إذا وجد مال ظالمه"، واستدلاله به على جواز القضاء على الغائب؛ لأن الاستدلال به على مسألة الظفر، لا تكون إلا على القول بأن