للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والدِّين، وتَسْلَمون من الاختلاف والافتراق الذي حصل لأهل الكتابَيْن، وفيه دليلٌ على صحة الإجماع، قاله القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ - (١).

وقال النوويّ: هو أمر بلزوم جماعة المسلمين، وتألّف بعضهم ببعض، وهذه إحدى قواعد الإسلام.

[واعلم]: أن الثلاثة المرضية: إحداها: أن يعبدوه، الثانية: أن لا يشركوا به شيئًا، الثالثة: أن يعتصموا بحبل الله، ولا يتفرقوا. انتهى (٢).

(وَيَكْرَهُ لَكُمْ قِيلَ، وَقَالَ)؛ أي: الخوض في أخبار الناس، وحكايات ما لا يَعْني، من أحوالهم، وتصرفاتهم، واختلفوا في حقيقة هذين اللفظين على قولين: أحدهما: أنهما فعلان، فـ"قيل" مبنيّ لِمَا لَمْ يُسَمّ فاعله، و"قال" فعل ماض، والثاني: أنهما اسمان مجروران منوَّنَان؛ لأنَّ القيل، والقال، والقول، والقالة كله بمعنى، ومنه قوله تعالى: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا} [النساء: ١٢٢]، ومنه قولهم: كَثُرَ القيل، والقال، قاله النوويّ (٣).

وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "وكره لكم: قيل وقال"؛ كلاهما مبنيٌّ على الفتح، فِعْل ماضٍ، هكذا الرواية التي لا يُعرف غيرها، ومعناه: أن الله تعالى حرَّم الخوض في الباطل، وفيما لا يعني من الأقوال، وحكايات أحوال الناس التي لا يَسْلَم فاعلها من الغِيبة، والنميمة، والبهتان، والكذب. "ومن كثر كلامه كَثُر سَقَطُه، ومن كثر سقطه كانت النار أَولى به" (٤).

قال القاضي عياض: "قيل" منصوبة، فعلُ ما لَمْ يُسَمّ فاعله، "قال": فعل ماض أيضًا. ويصحُّ أن يكونا اسمين، ويكونا مخفوضين؛ يعني: على رواية من رواه: "نَهَى عن قيل وقال".

قال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: هكذا وجدنا هذا الكلام في "الإكمال"، وهو كلام مُخْتلٌّ؛ لأنهما لو كانا اسمين لَنُوِّنا؛ إذ لا مانع لهما من الصرف، ولكانا منصوبين نكرةً؛ ولا موجب لِخَفْضهما، وأظنُّ أن هذا خللٌ وقع من بعض


(١) "المفهم في ٥/ ١٦٣.
(٢) "شرح النوويّ" ١٢/ ١١.
(٣) "شرح النوويّ" ١٢/ ١١.
(٤) ضعَّفه الشيخ الألبانيّ - رَحِمَهُ اللهُ - في "السلسلة الضعيفة".