للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فَمَا تَزَوَّدَ مِمَّا كَانَ يَجْمَعُهُ … سِوَى حَنُوطٍ غَدَاةَ الْبَيْنِ في خِرَقِ

وَغَيْرِ نَفْجَةِ أَعْوَادٍ تُشَبُّ لَهُ … وَقَلَّ ذَلِكَ مِنْ زَادٍ لِمُنْطَلِقِ

بِأَيِّ مَا بَلَدٍ كَانَتْ مَنِيَّتُهُ … إِلَّا يَسْرِ طَائِعًا فِي قَصْدِهَا يُسَقِ (١)

وقد روى ابن ماجه في "سننه" (٤٢٦٣) بسند صحيح، عن عبد الله بن مسعود، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا كان أجل أحدكم بأرض، أوثبته إليها الحاجة، فإذا بلغ أقصى أثره، قبضه الله سبحانه، فتقول الأرض يوم القيامة: رَبِّ هذا ما استودعتني" (٢).

وأخرج الطبرانّي في "الكبير" بإسناده صحيح أيضًا عن أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما جَعَلَ الله مَنِيَّة عبد بأرض، إلا جعل له إليها حاجة" (٣).

(قَالَ) أبو هريرة - رضي الله عنه - (ثُمَّ أَدْبَرَ الرَّجُلُ) أي: ذهب (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "رُدُّوا عَلَيَّ الرَّجُلَ") أي: ائتوني به (فَأَخَذُوا) أي: فشرعوا (لِيَرُدُّوهُ) وفي رواية عمارة التالية: "فالْتُمِسَ، فلم يجدوه" (فَلَمْ يَرَوْا شَيْئًا) فيه أن المَلَك يجوز أن يتمثل لغير النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فيراه، ويتكلم بحضرته وهو يسمع، وقد ثبت عن عمران بن حصين - رضي الله عنهما - أنه كان يسمع كلام الملائكة.

(فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - هَذَا جِبْرِيلُ جَاءَ لِيُعَلِّمَ النَّاسَ دِينَهُمْ")، وفي رواية عمارة التالية: "هذا جبريل أراد أن تَعَلَّموا؛ إذ لم تسألوا وفي رواية أبي فَرْوة عند النسائيّ: "والذي بعث محمدًا بالحق ما كنت بأعلم به من رجل منكم، وإنه لجبريل"، وفي حديث أبي عامر الأشعريّ عند أحمد بسند حسن - كما قال الحافظ -: "ثم وَلّى، فلما لم نَرَ طريقه، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "سبحان الله، هذا جبريل جاء ليعلم الناس دينهم، والذي نفس محمد بيده، ما جاءني قط إلا وأنا أعرفه، إلا أن تكون هذه المرة"، وقد تقدّم تمام البحث في هذا في حديث عمر - رضي الله عنه - الماضي، وكذا البحث عن المسائل المتعلّقة به، قد استوفيته هناك، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) راجع: "تاريخ دمشق" ٤٥/ ٢٤٠.
(٢) راجع: "سنن ابن ماجه" ٢/ ١٤٢٤.
(٣) "المعجم الكبير" ١/ ١٧٨ رقم (٤٦١).