للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

{يَابُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (١٦) يَابُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (١٧) وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (١٨) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (١٩)} [لقمان: ١٦ - ١٩].

هذه وصايا نافعة قد حكاها الله سبحانه وتعالى عن لقمان الحكيم؛ ليمتثلها الناس، ويقتدوا بها، فقال: {يَابُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ} أي إن المظلمة، أو الخطيئة، لو كانت مثقال حبة خردل، وجَوَّز بعضهم أن يكون الضمير في قوله: {إِنَّهَا} ضمير الشأن والقصة، وجَوَّز على هذا رفع {مِثْقَالَ} والأول أولى، وقوله عز وجل: {يَأْتِ بِهَا اللَّهُ} أي أَحضرها الله يوم القيامة حين يضع الموازين القسط، وجازى عليها إن خيرًا فَخيرٌ، وإن شرًّا فَشرّ، كما قال تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا} [الأنبياء: ٤٧] الآية، وقال تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨)} [الزلزلة: ٧، ٨]، ولو كانت تلك الذرة مُحَصَّنةً مُحَجَّبةً في داخل صخرة صَمّاء، أو غائبة ذاهبة في أرجاء السماوات والأرض، فإن الله يأتي بها؛ لأنه لا تخفى عليه خافية، ولا يعزُب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض، ولهذا قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} أي لطيف العلم، فلا تخفى عليه الأشياء، وإن دَقَّت، ولَطُفَت، وتضاءلت، خبير بدبيب النمل في الليل البهيم، وقد زعم بعضهم أن المراد بقوله: {فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ} أنها صخرة تحت الأرضين السبع، وذكره السُّدّيّ بإسناده عن ابن مسعود، وابن عباس، وجماعة من الصحابة، إن صَحّ ذلك، ويُروَى هذا عن عطية العوفيّ، وأبي مالك، والثوريّ، والمنهال بن عمرو، وغيرهم.

قال الحافظ ابن كثير بعد ذكر هذه الأقوال، ما نصّه: وهذا - والله أعلم - كأنه مُتَلَقًّى من الإسرائيليات التي لا تُصَدَّق، ولا تُكَذَّب، والظاهر - والله أعلم - أن المراد أن هذه الحبة في حقارتها، لو كانت داخل صخرة، فإن الله سيبديها، ويظهرها بلطيف علمه، كما قال الإمام أحمد: حدثنا حسن بن