للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أجمع الروايات - كما قال بعضهم - ما أخرجه الإمام أحمد في "مسنده"، فقال:

(١٨٢٥٨) - حدّثنا عليّ بن عاصم، ثنا المغيرة بن شِبْل، أخبرنا (١) عامر، عن ورّاد كاتب المغيرة بن شعبة، قال: كتب معاوية إلى المغيرة بن شعبة: اكتب إليّ بما سمعت من رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فدعاني المغيرة، قال: فكتبت إليه: إني سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول إذا انصرف من الصلاة قال: "لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كلّ شيء قدير، اللهم لا مانع لِما أعطيت، ولا معطي لِمَا منعت، ولا ينفع ذا الجدّ منك الجدّ"، وسمعته ينهى عن قيل وقال، وعن كثرة السؤال، وإضاعة المال، وعن وأد البنات، وعقوق الأمهات، ومَنْع وهات. انتهى (٢).

(المسألة الثالثة): في فوائده:

١ - (منها): تحريم عقوق الأمهات، وهو من الكبائر بإجماع العلماء، وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة على عدّه من الكبائر، وكذلك عقوق الآباء من الكبائر، وإنما اقتصر هنا على الأمهات؛ لأنَّ حرمتهن آكد من حرمة الآباء، ولهذا قال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين قال له السائل: مَن أَبَرّ؟ قال: "أمك، ثم أمك"، ثلاثًا، ثم قال في الرابعة: "ثم أباك"، ولأن أكثر العقوق يقع للأمهات.

٢ - (ومنها): تحريم وأد البنات - بالهمز - وهو دفنهن في حياتهن، فيمتن تحت التراب، وهو من الكبائر الموبقات؛ لأنه قتل نفس بغير حقّ، ويتضمن أيضًا قطيعة الرحم، وإنما اقتصر على البنات؛ لأنه المعتاد الذي كانت الجاهلية تفعله غالبًا.

٣ - (ومنها): تحريم "منعٍ، وهات"، وهو أن يمنع الرجل ما توجّه عليه من الحقوق، أو يطلب ما لا يستحقه.

٤ - (ومنها): تحريم كثرة السؤال، وقد مضى تفصيله.


(١) سقط لفظ "أخبرنا" من النسخة، وهو موجود في نسخة تحقيق شعيب الأرنؤوط، فتنبّه.
(٢) "مسند أحمد بن حنبل" ٤/ ٢٥٤.