للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

(عَنْ عَائِشَةَ) أم المؤمنين - رضي الله عنها -، أنها (قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ) شرطيّة، (أَحْدَثَ)؛ أي: ابتدع، أو أظهر، واخترع، قال الفيّوميّ رحمه الله: حَدَثَ الشيءُ حدُوثًا، من باب قعد: تجدّد وجوده، فهو حادثٌ، وحَدِيثٌ، ومنه يقال: حَدَثَ به عيبٌ: إذا تجدّد، وكان معدومًا قبل ذلك، ويتعدّى بالألف، فيقال: أحدثته، ومنه: "محدَثات الأمور"، وهي التي ابتدعها أهل الأهواء. انتهى (١). وقال القرطبيّ: أي: من اخترع في الشرع ما لا يشهد له أصل من أصوله، فهو مفسوخٌ، لا يُعمل به، ولا يُلتفتُ إليه. انتهى (٢).

(فِي أَمْرِنَا)؛ أي: في شأننا، فالأمر واحد الأمور، أو فيما أَمَرْنا به، فالأمر واحد الأوامر، أُطلق على المأمور به، والمراد على الوجهين: الدِّين القيّم، ووَصَف الأمر بقوله: (هَذَا) إشارةً إلى أن أمر الإسلام كَمُلَ واشتهر، وشاع، وظهر ظهور المحسوس، بحيث لا يخفى على كلّ ذي بصر وبصيرة، كقوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} الآية [المائدة: ٣]، فمن رام الزيادة عليه فقد حاول أمرًا غير مرضيّ؛ لأنه من قصور فهمه رآه ناقصًا.

وقوله: (مَا لَيْسَ مِنْهُ) "ما" موصولة مفعول "أحدث أي: أحدث الشيء الذي ليس منه: أي: من أمر الدِّين، وأشار إلى أن إحداث ما له أصل في الكتاب والسُّنّة ليس بمردود، كأن يُجدّد سُنَّة أُميتت، وتناساها الناس، أو أحدث شيئًا يشهد له الكتاب والسُّنّة، مما لا يشمله تعريف البدعة الشرعيّة، كَجَمْع الصدّيق - رضي الله عنه - القرآن، وجَمْع عمر - رضي الله عنه - الناس على إمام واحد في قيام رمضان.

(فَهُوَ)؛ أي: ذلك المحدَث (رَدٌّ") - بفتح، فسكون -؛ أي: مرود، من إطلاق المصدر على اسم المفعول، مثل خَلْق ومخلوق، ونَسْخ ومنسوخ، وكأنه قال: فهو باطل، غير مُعْتَدّ به. قاله في "الفتح" (٣).


(١) "المصباح المنير" ١/ ١٢٤.
(٢) "المفهم" ٥/ ١٧١.
(٣) "الفتح" ٥/ ٦٤٢.