للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثوب كان في ثَمَنه درهم حرام أن عليه إعادة صلاته، وقال: ما سمعت قولًا أخبث من قولهم - نسأل الله العافية - وعبد الرحمن بن مهديّ من أكابر فقهاء أهل الحديث، المطَّلعين على مقالات السلف، وقد استنكر هذا القول، وجعله بدعة، فدل على أنه لم يُعلم عن أحد من السلف القول بإعادة الصلاة في مثل هذا، ويُشبه هذا: الحجُّ بمال حرام، وقد ورد في حديث أنه مردود على صاحبه، ولكنه حديث لا يثبت (١). وقد اختلف العلماء هل يسقط به الفرض أم لا؟.

وقريبٌ من ذلك: الذبح بآلة محرمة، أو ذبح من لا يجوز له الذبح، كالسارق، فأكثر العلماء قالوا: إنه تباح الذبيحة بذلك. ومنهم من قال: هي محرَّمة. وكذا الخلاف في ذبح المُحْرِم الصيد، لكن القول بالتحريم فيه أشهر وأظهر؛ لأنه منهي عنه بعينه، فلهذا فرَّق من فرَّق من العلماء بين أن يكون النهي لمعنى يختص بالعبادة فيبطلها، وبين أن لا يكون مختصًا بها فلا يبطلها، فالصلاة بالنجاسة، أو بغير طهارة، اْو بغير ستارة، أو إلى غير القبلة يبطلها؛ لاختصاص النهي بالصلاة، بخلاف الصلاة في الغصب، ويشهد لهذا أن الصيام لا يبطله إلا ارتكاب ما نُهي عنه فيه بخصوصه، وهو جنس الأكل والشرب والجماع، بخلاف ما نُهي عنه الصائم لا بخصوص الصيام، كالكذب والغيبة عند الجمهور. وكذلك الحج لا يبطله إلا ما نُهي عنه في الإحرام، وهو الجماع، ولا يبطله ما لا يختص بالإحرام من المحرمات، كالقتل، والسرقة، وشرب الخمر. وكذلك الاعتكاف إنما يبطل بما نُهي عنه فيه بخصوصه، وهو الجماع، وإنما يبطل بالسُّكْر عند الأكثرين؛ لنهي السكران عن قربان المسجد، ودخوله على أحد التأويلين في قوله تعالى: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء: ٤٣] أن المراد: مواضع الصلاة، فصار كالحائض، ولا يبطل الاعتكاف بغيره من ارتكابه الكبائر عند كثير من العلماء.


(١) أخرجه البزّار ٢/ ٦ "كشف" رقم (١٠٧٩)، وقال البزّار: فيه الضعف بيّنٌ على أحاديث سليمان، ولا يتابعه أحدٌ، وهو ليس بالقويّ. وذكره الهيثميّ في "مجمع الزوائد" ٣/ ٢١٢ - ٢١٣ وقال: رواه البزّار، وفيه سليمان بن داود اليماميّ، وهو ضعيف. انتهى.