للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الشريكين نصيبه من عبد، وقال - صلى الله عليه وسلم - فيمن أعتق بعض عبده: "هذا هو عتيق كله ليس لله شريك" (١).

وأكثر العلماء على خلاف قول القاسم، وأن وصية الموصي لا تُجمع، ويُتَّبع لفظه إلا في العتق خاصة؛ لأن المعنى الذي جُمع له فيه العتق موجود في بقية الأموال، فيُعْمَل فيها بمقتضى وصية الموصي.

وذهب طائفة من الفقهاء في العتق على أنه يَعْتِق من كل عبد ثلثه، ويُستَسْعَون في الباقي، واتباع قضاء النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وأولى.

والقاسم نظر إلى أن في مشاركة الموصَى له للورثة في المساكن كلها ضررًا عليهم، فَيُدفع عنهم هذا الضرر، ويجمع الوصية في مسكن واحد، فإن الله شرط في الوصية عدم المضارة؛ لقوله: {غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ} [النساء: ١٢]، فمن ضارّ في وصيته كان عمله مردودًا عليه؛ لمخالفته ما شَرَط الله تعالى في الوصية.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن ما ذهب إليه القاسم: هو الوجيه؛ لوضوح حجته؛ فإن الآية المذكورة ظاهرة في ذلك، فتأمل، والله تعالى أعلم.

وقد ذهب طائفة من الفقهاء إلى أنه لو أوصى بثلث مساكنه كلها، ثم تَلِف ثلثا المساكن، وبقي منها ثلث أنه يُعطَى كلها للموصَى له. وهذا قول طائفة من أصحاب أبي حنيفة. وحُكي عن أبي يوسف ومحمد، ووافقهم القاضي أبو يعلى من الحنابلة خلافه، وبَنَوا ذلك على أن المساكن المشترَكة تُقسم بين المشترِكين فيها قسمة إجبار، كما هو قول مالك، وظاهر كلام ابن أبي موسى من الحنابلة، والمشهور عندهم أن المساكن المتعدّدة لا تُقسم قسمة إجبار، وهو قول أبي حنيفة، والشافعيّ رحمهما الله.

وقد تأول بعض المالكية فتيا القاسم المذكورة في هذا الحديث على أن أحد الفريقين من الورثة، والموصى لهم طلب قسمة المساكن، فكانت متقاربة بحيث يُضم بعضها إلى بعض في القسمة، فإنه يجاب إلى قسمتها على قولهم،


(١) حديث صحيح، أخرجه أبو داود في كتاب "العتق" من "سننه" رقم (٣٩٣٣).