للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يعرف الثالث دُفعت إليه. انتهى (١).

وقوله أيضًا: (اعْرِفْ عِفَاصَهَا، وَوِكَاءَهَا) كذا في رواية مالك، بتقديم معرفة العفاص، والوكاء على تعريفها سنةً، قال الحافظ: ووافقه الأكثرون، وفي الرواية الآتية عند مسلم من طريق بُسْر بن سعيد، عن زيد بن خالد: "فاعرف عِفَاصها، ووِعَاءها، وعَدَدَها"، زاد فيه العدد، كما في حديث أُبيّ بن كعب الآتي.

ووقع في رواية للبخاريّ من طريق الثوريّ، عن يزيد مولى المنبعث: "عرّفها سنةً، ثم اعرف عفاصها، ووكاءها"، بتقديم التعريف على معرفة العفاص والوكاء، ويوافق الثوريّ ما أخرجه أبو داود من طريق عبد الله بن يزيد مولى المنبعث، بلفظ: "عَرِّفها حَوْلًا، فإن جاء صاحبها فادفعها إليه، وإلا اعْرِف وِكاءها، وعِفَاصها، ثم اقبضها في مالِكَ … " الحديث، قال الحافظ: وهو يقتضي أن التعريف يقع بعد معرفة ما ذُكر من العلامات، ورواية الباب - يعني: رواية البخاريّ المذكورة - تقتضي أن التعريف يسبق المعرفة.

وقال النوويّ رحمه الله: يُجْمَع بينهما بأن يكون مأمورًا بالمعرفة في حالتين، فيَعْرِف العلامات أول ما يَلتقط، حتى يعلم صدق واصفها إذا وصفها، كما تقدم، ثم بعد تعريفها سنةً، إذا أراد أن يتملكها، فيعرفها مرة أخرى تعرُّفًا وافيًا محقّقًا؛ ليعلم قَدْرها وصِفَتها، فيردَّها إلى صاحبها.

قال الحافظ رحمه الله: ويَحْتَمِل أن تكون "ثُمّ" في الروايتين بمعنى الواو، فلا تقتضي ترتيبًا، ولا تقتضي تخالفًا يحتاج إلى الجمع، ويقويه كون المَخْرَج واحدًا، والقصة واحدةً، وإنما يحسن ما تقدم أن لو كان المخرج مختلفًا، فيُحْمَل على تعدد القصة، وليس الغرض إلا أن يقع التعرّف والتعريف مع قطع النظر عن أيهما أسبق.

واختُلِف في هذه المعرفة على قولين للعلماء: أظهرهما الوجوب؛ لظاهر الأمر، وقيل: يستحب، وقال بعضهم: يجب عند الالتقاط، ويستحب بعده.

و"الْعِفَاص" - بكسر العين المهملة، وتخفيف الفاء، وبعد الألف صاد


(١) "المفهم" ٥/ ١٨٢ - ١٨٣.