جاز أخذها دون الإبل، ثم إذا أخذها، وعرّفها سنةً، وأكلها، ثم جاء صاحبها لزمته غرامتها عندنا، وعند أبي حنيفة، وقال مالك: لا تلزمه غرامتها؛ لأن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لم يذكر له غرامةً، واحتج أصحابنا بقوله في في الرواية الأخرى:"فإن جاء صاحبها فأعطها إياه"، وأجابوا عن دليل مالك بأنه لم يَذْكُر في هذه الرواية الغرامة، ولا نفاها، وقد عُرِف وجوبها بدليل آخر. انتهى (١).
وقال في "الفتح": قوله: "لك، أو لأخيك … إلخ " فيه إشارة إلى جواز أخذها، كأنه قال: هي ضعيفة؛ لعدم الاستقلال، مُعَرَّضة للهلاك، مترددة بين أن تأخذها أنت، أو أخوك، والمراد به ما هو أعمّ من صاحبها، أو من ملتقِط آخر، والمراد بالذئب: جنس ما يأكل الشاة، من السباع، وفيه حثّ له على أخذها؛ لأنه إذا علم أنه إن لم يأخذها بقيت للذئب، كان ذلك أدعى له إلى أخذها.
ووقع في رواية إسماعيل بن جعفر، عن ربيعة التالية:"قال: خذها، فإنما هي لك … إلخ"، وهو صريح في الأمر بالأخذ، ففيه دليل على ردّ إحدى الروايتين عن أحمد، في قوله: يترك التقاط الشاة.
وتمسك به مالك في أنه يملكها بالأخذ، ولا يلزمه غرامة، ولو جاء صاحبها، واحتُجّ له بالتسوية بين الذئب والملتقط، والذئبُ لا غرامة عليه، فكذلك الملتقط.
وأجيب بأن اللام ليست للتمليك؛ لأن الذئب لا يملك، وإنما يملكها الملتقط على شرط ضمانها، وقد أجمعوا على أنه لو جاء صاحبها قبل أن يأكلها الملتقط لأخذها، فدلّ على أنها باقية على ملك صاحبها، ولا فرق بين قوله في الشاة:"هي لك، أو لأخيك، أو للذئب"، وبين قوله في اللقطة:"شأنك بها"، أو "خذها"، بل هو أشبه بالتملك؛ لأنه لم يُشرِك معه ذئبًا، ولا غيره، ومع ذلك فقالوا في النفقة: يَغْرَمها إذا تصرّف فيها، ثم جاء صاحبها.
وقال الجمهور: يجب تعريفها، فيذا انقضت مدة التعريف أكلها، إن شاء، وغَرِمَ لصاحبها إلا أن الشافعيّ قال: لا يجب تعريفها إذا وُجدت في