وعن عبد الرَّحمن بن عثمان التيميّ - رضي الله عنه -: أن النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن لقطة الحاج"، رواه مسلم، قال ابن وهب: يعني: يتركها حتى يجدها صاحبها، رواه أبو داود.
ووجه الرواية الأولى عموم الأحاديث، وأنه أحد الحرمين، فأشبه حرم المدينة، ولأنها أمانة، فلم يختلف حكمها بالحلّ والحرم، كالوديعة، وقول النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إلَّا لمنشد" يَحْتَمِل أن يريد إلَّا لمن عرّفها عامًا، وتخصيصها بذلك لتأكدها، لا لتخصيصها، كقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "ضالَّة المسلم حرق النار"، وضالة الذميّ مقيسة عليها. انتهى كلام ابن قُدامة (١).
قال الجامع عفا الله عنه: لا يخفى أن القول بمنع لقطة مكة هو الأرجح؛ لصحة نهيه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن لقطة الحاجّ، ولظهور قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لا تحل لقطتها إلَّا لمنشد" في هذا المعنى، وقد تقدَّم تحقيق المسألة عند شرح هذا الحديث في "كتاب الحجِّ"، فراجعه تستفد، والله تعالى أعلم بالصواب، "إليه" المرجع والمآب.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عبد الرَّحمن بن عثمان التيميّ - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف - رَحِمَهُ اللهُ -.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٢/ ٤٥٠١](١٧٢٤)، و (أبو داود) في "اللقطة" (١٧١٩)، و (النسائيّ) في "الكبرى" (٣/ ٤١٧)، و (أحمد) في "مسنده" (٣/ ٤٩٩)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (٤٨٩٦)، و (الطحاويّ) في "شرح معاني الآثار" (٤/ ١٤٠)، و (أبو عوانة) في "مسنده" (٤/ ١٨٧)، و (الحاكم) في "المستدرك" (٢/ ٧٤)، و (البيهقيُّ) في "الكبرى" (٦/ ١٩٩)، والله تعالى أعلم. وبالسند المتّصل إلى المؤلِّف - رَحِمَهُ اللهُ - أَوَّل الكتاب قال: