للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(أَوْصَاهُ)؛ أي: أمر ذلك الأمير، قال الفيّوميّ - رحمه الله -: "وأَوْصَيْتُهُ بالصلاة": أمرته بها، وعليه قوله تعالى: {ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٥٣)} [الأنعام: ١٥٣]، وقوله: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} [النساء: ١١]؛ أي: يأمركم، وفي حديبا: "خَطَبَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَوْصَى بِتَقْوَى اللهِ": معناه: أَمَرَ، فيعمّ الأمر بأيّ لفظ كان، نحو: "اتقوا الله"، و"أطيعوا الله"، وكذلك الخبرُ إذا كان فيه معنى الطلب، نحو: "لقد فاز من اتقى"، و"طُوبى لمن وسعته السُّنَّة، ولم تستهوه البدعة"، "ورَحَمَ الله من شَغَله عيبه عن عيوب الناس"، ولا يتعيّن في الخطبة "أُوصيكم"، كيف ولفظ الوصيّة مشترك بين التذكير، والاستعطاف، وبين الأمر، فيتعيّن حمله على الأمر، ويقوم مقامه كل لفظ فيه معنى الأمر. انتهى (١).

(فِي خَاصَّتِهِ)؛ أي: في حقّ نفسه خصوصًا، (بِتَقْوَى اللهِ) متعلّق بـ "أوصاه"؛ أي: أَمَره بالتحرّز بطاعته من عقابه، وقوله: (وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا) معطوف على "خاصّته"؛ أي: أوصاه بالمسلمين الذين غزوا معه أن يفعل معهم خيرًا، و"خيرًا" منصوب بنزع الخافض؛ أي: بخير، قال الطيبيّ - رحمه الله -: و"من" في محل الجرّ، وهو من باب العطف على عاملين مختلفين، كأنه قيل: أوصى بتقوى الله في خاصة نفسه، وأوصى بخير فيمن معه من المسلمين، وفي اختصاص التقوى بخاصة نفسه، والخير بمن معه من المسلمين إشارةٌ إلى أنّ عليه أن يَشدّد على نفسه فيما يأتي، وَيذَرُ، وأن يُسَهِّل على من معه من المسلمين، وَيرْفُق بهم، كما وردة "يسِّروا، ولا تعسِّروا، وبشِّروا، ولا تنفِّروا"، متّفق عليه، وقيل: "ومن معه" مجرور عطفًا على الضمير المجرور في "خاصّته". انتهى (٢).

(ثُمَّ قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("اغْزُوا) بوصل الهمزة، وضمّ الزاي: أمرٌ من الغزو، يقال: غزاه غَزْوًا: أراده، وطلبه، وقصده، كاغتزاه، وغزا العدوَّ: سار إلى قتالهم، وانتهابهم غَزْوًا، وغَزَوَانًا، وغَزَاوَةً، وهو غازٍ، قاله المجد - رحمه الله - (٣)،


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٦٦٢.
(٢) "الكاشف عن حقائق السنن" ٨/ ٢٦٩٤ - ٢٦٩٥.
(٣) "القاموس المحيط" ص ٩٤٧.