للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقوله: (بِاسْمِ الله، فِي سَبِيلِ اللهِ) متعلّقان بـ "اغزوا"، ويجوز أن يكون الثاني ظرفًا، والأول حالًا، ويجوز أن يتعلّق الثاني بالحال؛ أي: اغزوا مستعينين بالله، في سبيل الله عز وجل، قاله الطيبيّ - رحمه الله - (١)، وقوله: (قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللهِ) جملة مُوضّحة لـ"اغزوا"، وأعاد قوله: (اغْزُوا) ليُعقبه بالمذكورات بعده، وهي قوله: "ولا تغلّوا".

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: قوله: "قاتلوا من كفر بالله" هذا العموم يَشمَل جميع أهل الكفر، المحاربين وغيرهم، وقد خُص منه من له عهد، والرُّهبان، والنِّسوان، ومن لم يبلغ الحلم، وقد قال متصلًا به: "ولا تقتلوا وليدًا"، وإنما نُهِيَ عن قتل الرهبان، والنساء؛ لأنهم لا يكون منهم قتال غالبًا، فإن كان منهم قتال، أو تدبير، أو أذىً قُتلوا؛ ولأن الذراريّ، والأولاد مالٌ، وقد نَهَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن إضاعة المال. انتهى (٢).

(وَلَا تَغُلُّوا) وفي بعض النسخ: "فلا تغلّوا" بالفاء، وهو بضمّ الغين المعجمة، وتشديد اللام؛ أي: لا تخونوا في الغنيمة، قال الفيّوميّ: وغَلّ غُلُولًا، من باب قَعَد، وأغلّ بالألف: خان في المغنم وغيره، وقال ابن السّكّيت: لم نسمع في المغنم إلا غلّ ثلاثيًّا، وهو متعدّ في الأصل، لكن أُميت مفعوله، فلم يُنطَق به. انتهى (٣).

(وَلَا تَغْدِرُوا) من الغدر، وهو ضدّ الوفاء، يقال: غَدَرَهُ، وغَدَر به، كنَصَرَ، وضرب، وسَمِعَ: غَدْرًا وغَدَرانًا - محرّكةً -، قاله المجد - رحمه الله - (٤).

والمعنى: لا تنقضوا العهد، أو لا تحاربوهم قبل أن تدعوهم إلى الإسلام، (وَلَا تَمْثُلُوا) بضمّ الثاء المثلّثة؛ أي: لا تقطعوا الأطراف، قال الفيّوميّ - رحمه الله -: مَثَلْتُ بالقتيل مَثْلًا، من بابي قَتَلَ، وضَرَبَ: إذا جَدَعته، وظهرت آثار فِعلك عليه تنكيلًا، والتشديد مبالغة، والاسم: الْمُثْلة، وزانُ غُرْفة. انتهى (٥).


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ٨/ ٢٦٩٥.
(٢) "المفهم" ٥/ ٥١٢.
(٣) "المصباح المنير" ٢/ ٤٥٢.
(٤) "القاموس المحيط" ص ٩٣٨ - ٩٣٩.
(٥) "المصباح المنير" ٢/ ٥٦٤.