للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: الغلول: الأخذ من الغنيمة من غير قَسْمها، والغدر: نقض العهد، والتمثيل هنا: التشويه بالقتيل؛ كَجَدْع أنفه، وأذنه، والعبث به، ولا خلاف في تحريم الغلول، والغدر، وفي كراهة الْمُثلة. انتهى (١).

(وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا)؛ أي: طفلًا صغيرًا، (وَإِذَا لَقِيتَ) بكسر القاف، والخطاب لأمير الجيش، قال الطيبيّ - رحمه الله -: هو من باب تلوين الخطاب، خاطب أوّلًا عامًّا، فدخل فيه الأمير دخولًا أوّليًّا، ثم خصّ الخطاب به، فدخلوا فيه على سبيل التبعيّة، كقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ} [الطلاق: ١] خصّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بالنداء، وعمّ بالخطاب. انتهى (٢).

(عَدُوَّكَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَادْعُهُمْ إِلَى ثَلَاثِ خِصَالٍ - أَوْ خِلَالٍ -) "أو" للشكّ من الراوي، والخصال، والخلال بكسر أولهما: جمع خَصْلة، وخَلّة، بمعنى واحد، والمراد بها هنا ثلاثة أمور.

(فَأَيَّتُهُنَّ) بالرفع، والضمير للخصال المدعوّ إليها، (مَا) زائدة، (أَجَابُوكَ)؛ أي: قَبِلها منك، وقوله: (فَاقْبَلْ مِنْهُمْ) جزاء الشرط، (وَكُفَّ عَنْهُمْ) بضمّ الكاف، ويجوز تثليث الفاء: أمرٌ من كفّ يكُفّ، من باب نصر: إذا ترك؛ أي: اترك قتالهم.

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: قوله: "فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم، وكُفّ عنهم" قيَّدناه عمن يوثق بعلمه، وتقييده، بنصب "أيتَهنَّ" على أن يعمل فيها "أجابوك" على إسقاط حرف الجرّ، و"ما" زائدة، ويكون تقدير الكلام: فإلى أيتهنّ أجابوك فاقبل منهم، كما تقول: أُجيبك إلى كذا، أو في كذا، فيتعدى إلى الثاني بحرف الجرِّ. انتهى (٣).

(ثُمَّ) إذا عرفت ما ذُكر من الخصال على وجه الإجمال، فاعلمها على وجه التفصيل، فـ (ادْعُهُمْ) أوّلًا (إِلَى الإِسْلَامِ) قال النوويّ - رحمه الله -: هكذا هو في جميع نسخ "صحيح مسلم": "ثم ادعهم" بـ "ثمّ"، قال القاضي عياض - رحمه الله -


(١) "المفهم" ٥/ ٥١٢.
(٢) "الكاشف عن حقائق السنن" ٨/ ٢٦٩٥.
(٣) "المفهم" ٥/ ٥١٣.