للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

التاء، يقال: أخفرت الرجل: إذا نقضت عهده، وخَفَرته: أَمَّنته، وحَمَيته، قالوا: وهذا نهي تنزيه؛ أي: لا تجعل لهم ذمة الله، فإنه قد ينقضها من لا يعرف حقّها، وينتهك حرمتها بعض الأعراب، وسواد الجيش. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: قد أسلفت آنفًا مما اقتضته عبارة "القاموس" أن خَفَر، وأخفر ثلاثيًّا ورباعيًّا يُستعملان لنقض العهد، فتنبّه.

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: معنى الحديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - خاف من نقض من لا يَعرف حق الوفاء بالعهد، كجهلة الأعراب، فكأنه يقول: إن وقع نقض من متعدّ كان نقض عهد الخَلْق أهون من نقض عهد الله تعالى، والله تعالى أعلم (٢).

(ذِمَمَكُمْ)؛ أي: عهودكم، (وَذِمَمَ أَصْحَابِكُمْ)؛ أي: عهودهم، (أَهْوَنُ مِنْ أَنْ تُخْفِرُوا) بالبناء للفاعل أيضًا، (ذِمَّةَ اللهِ) سبحانه وتعالى (وَذِمَّةَ رَسُولِهِ) - صلى الله عليه وسلم -. (وَإِذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ، فَأَرَادُوكَ أَنْ تُنْزِلَهُمْ) بضمّ أوله، مبنيًّا للفاعل، من الإنزال، (عَلَى حُكْمِ اللهِ) تعالى، (فَلَا تُنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِ اللهِ) تعالى، (وَلَكِنْ أَنْزِلْهُمْ) بقطع الهمزة، من الإنزال، (عَلَى حُكْمِكَ)، ثم علّل ذلك بقوله: (فَإِنَّكَ) الفاء للتعليل؛ أي: لأنك (لَا تَدْرِي)؛ أي: لا تعلم (أَتُصِيبُ حُكْمَ اللهِ فِيهِمْ، أَمْ لَا؟)؛ أي: أم لا تصيبه؟.

وقوله: (قَالَ عَبْدُ الرحمن)؛ يعني: ابن مهديّ الراوي الثالث عن سفيان الثوريّ. (هَذَا)؛ أي: هذا النصّ المذكور، (أوْ) قال (نَحْوَهُ)؛ أي: معناه، وقوله: (وَزَادَ إِسْحَاقُ) هو ابن راهويه الشيخ الثاني للمصنّف، (فِي آخِرِ حَدِيثِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ آدَمَ)؛ أي: عن سفيان، عن علقمة، وقوله: (قَالَ) … إلخ مفعول "زاد" محكيّ لِقَصْد لفظه، و"قال" ضمير علقمة بن مرثد، كما قال المصنّف، ومقوله قوله: (فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لِمُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ) النَّبَطيّ - بفتح النون، والموحّدة - أبي بسطام البلخيّ الخزّاز - بزايين منقوطين - مولى بكر بن وائل، صدوق فاضلٌ، أخطأ الأزديّ في زعمه أن وكيعًا كذّبه، وإنما كذّب مقاتل بن سليمان [٦].

روى عن عمته عمرة، وسعيد بن المسيّب، وأبي بردة بن أبي موسى،


(١) "شرح النوويّ" ١٢/ ٣٩.
(٢) "المفهم" ٥/ ٥١٧.