للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أحد التسعة الذين روى عنهم الجماعة بغير واسطة، وقد تقدّموا غير مرّة، وأنّ صحابيّه - رضي الله عنه - من أفاضل الصحابة - رضي الله عنهم -، وقد أثنى عليه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بحسن الصوت في القراءة، فقال له: "لقد أُعطيتَ مزمارًا من مزامير آل داود".

شرح الحديث:

(عَنْ أَبِي مُوسَى) الأشعريّ - رضي الله عنه - أنه (قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا بَعَثَ)؛ أي: أرسل (أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ فِي بَعْضِ أَمْرِهِ)؛ أي: في قضاء بعض حوائجه، (قَالَ: "بَشِّرُوا) من التبشير، والتشديد للمبالغة؛ لأن ثلاثيّه يتعدّى، قال الفيّوميّ رحمه الله: بَشِرَ بكذا يَبْشَرُ، مثلُ فَرِحَ يَفْرَحُ وزنًا ومعنًى، وهو الاستبشار أيضًا، والمصدر: الْبُشُور، ويتعدّى بالحركة، فيقال: بَشَرْتُهُ أَبْشُرُهُ بَشْرًا، من باب قَتَلَ في لغة تهامة، وما والاها، والاسم منه: بُشْرٌ بضمّ الباء، والتعدية بالتثقيل لغة عامّة العرب، وقرأ السبعة باللغتين، واسم الفاعل من المخفّف: بَشِيرٌ، ويكون البشير في الخير أكثر من الشرّ، والبُشْرى فُعْلى من ذلك، والِبْشَارة بكسر الباء، والضمّ لغةٌ، وإذا أُطلقت اختَصَّتْ بالخير. انتهى (١).

(وَلَا تُنَفِّرُوا) من التنفير، وهو خلاف التبشير، (وَيَسِّرُوا) من التيسير، (وَلَا تُعَسِّرُوا") من التعسير، قال النوويّ رحمه الله: إنما جمع في هذه الألفاظ بين الشيء وضدّه؛ لأنه قد يفعلهما في وقتين، فلو اقتَصَر على "يسّروا" لصدق ذلك على من يسّر مرةً، أو مرات، وعَسّر في معظم الحالات، فإذا قال: "ولا تعسروا" انتفى التعسير في جميع الأحوال، من جميع وجوهه، وهذا هو المطلوب، وكذا يقال في "يسِّرا، ولا تنفِّرا، وتطاوَعا، ولا تختلفا"؛ لأنهما قد يتطاوعان في وقت، ويختلفان في وقت، وقد يتطاوعان في شيء، ويختلفان في شيء. انتهى (٢)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي موسى الأشعريّ - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف رحمه الله.


(١) "المصباح المنير" ١/ ٤٩.
(٢) "شرح النوويّ" ١٢/ ٤١.