للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

صلاة في يوم غيم، وهو ينتظر بتأخيره إياها دخول وقتها، فيخرج وقتها، وهو يرى أن وقتها لم يدخل، فإن ذلك من الخطأ الموضوع عن العبد الذي وضع الله عز وجل عن عباده الإثم فيه، فلا وجه لمسألة العبد ربه أن لا يؤاخذه به انتهى كلام ابن جرير (١).

وقوله: (قَالَ: نَعَمْ) أي قال الله تعالى؛ استجابة لدعائهم، وإنالة لطلبهم، وتحقيقًا لرغبتهم: قد فعلت: أي قد أعطيتكم ما سألتم، قال أبو العبّاس القرطبيّ: "نعم" حرف جواب، وهو هنا إجابةٌ لما دَعَوا فيه، كما في الرواية الأخرى عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: "قد فَعَلتُ"، بدل قوله هنا: "نعم"، وهو إخبار من الله تعالى أنه أجابهم في تلك الدعوات، فكلُّ داع يُشاركهم في إيمانهم، وإخلاصهم، واستسلامهم أجابه الله تعالى كإجابتهم؛ لأن وعده تعالى صدْقٌ، وقوله حقّ، وكان معاذ - رضي الله عنه - يَختم هذه السورة بـ "آمين" كما يَختم الفاتحة، وهو حسن انتهى (٢).

{وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا} - بكسر الهمزة، وسكون الصاد المهملة -: أي ثِقَلًا، قال مالك، والربيع: الإصر: الأمر الغليظ الصعب، وقال سعيد بن جبير: الإصر: شدة العمل، وما غُلّظ على بني إسرائيل من البول ونحوه، وقال الضحاك: كانوا يُحَمَّلُون أمورًا شدادًا، وهذا نحو قول مالك والربيع، ومنه قول النابغة [من البسيط]:

يَا مَانِعَ الضَّيْمِ أَنْ يَغْشَى سَرَاتُهُمُ … وَالْحَامِلُ الإِصْرِ عَنْهُمْ بَعْدَ مَا عَرَفُوا

وقال عطاء: الإصر: المسخ قردةً وخنازير، وقاله ابن زيد أيضًا، وعنه أيضًا أنه الذنب الذي ليس فيه توبة، ولا كفارةٌ، والإصر في اللغة العهد، ومنه قوله تعالى: {وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي} [آل عمران: ٨١]، والإصر الضِّيقُ، والذنب، والثِّقَلُ، والإصار: الحبل الذي تُربَط به الأحمال ونحوها، يقال: أَصَرَ يَأَصِرَ أَصْرًا: حبسه، والإصر - بكسر الهمزة - من ذلك، قال الجوهريّ: والموضع مَأْصِرٌ ومَأْصَرٌ، والجمع مآصر، والعامة تقول: معاصر. انتهى (٣).


(١) "تفسير ابن جرير" ٦/ ١٣٣ - ١٣٤.
(٢) "المفهم" ١/ ٣٣٩ - ٣٤٠.
(٣) "تفسير القرطبيّ" ٣/ ٤٣٢.