٤ - (ومنها): الأمر بالتبشير بفضل الله تعالى، وعظيم ثوابه، وجزيل عطائه، وسعة رحمته.
٥ - (ومنها): النهي عن التنفير بذكر التخويف، وأنواع الوعيد، محضةً من غير ضمّها إلى التبشير.
٦ - (ومنها): تأليف مَن قَرُب إسلامه، وترك التشديد عليه، وكذلك من قارب البلوغ من الصبيان، ومن بلغ، ومن تاب من المعاصي، كلهم يُتَلَطّف بهم، ويُدَرَّجُون في أنواع الطاعة، قليلًا قليلًا، وقد كانت أمور الإسلام في التكليف على التدريج، فمتى يُسِّر على الداخل في الطاعة، أو المريد للدخول فيها، سَهُلت عليه، وكانت عاقبته غالبًا التزايدَ منها، ومتى عُسِّرت عليه، أَوْشَكَ أن لا يدخل فيها، وإن دخل أوشَكَ أن لا يدوم، أو لا يَسْتَحْلِيها.
٧ - (ومنها): أمر الوُلاة بالرفق، واتفاق المتشاركين في ولاية ونحوها، وهذا من المهمات، فإن غالب المصالح لا يتم إلا بالاتفاق، ومتى حصل الاختلاف فات، قال الطيبي رحمه الله: والأحاديث متعاضدة على معنى عدم الحرج والتضييق في أمور الملّة الحنيفيّة السمحة، كما قال الله تعالى:{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}[الحجّ: ٧٨]، وقوله:{مِنْ حَرَجٍ} مفعول أول، {فِي الدِّينِ} مفعول ثانٍ، و"من" زائدة للاستغراق، والتنكير في {حَرَجٍ} للشيوع، و {عَلَيْكُمْ} متعلّق به، قُدّم للاختصاص، كأنه قيل: وَسَّع الله عليكم دينكم يا أمة نبيّ الرحمة خاصّة، ورفع عنكم الحرج أيًّا كان، فظهر من هذا ترجيح فعل الأولين، من السلف الصالح على رأي المتكلّمين فيما نقله الشيخ محيي الدين النوويّ في "الروضة" من أنه لا يُشترط أن يكون للمجتهد مذهب مدوّن، وإذا دُوّنت المذاهب، فهل يجوز للمقلّد أن ينتقل من مذهب إلى مذهب؟ إن قلنا: يلزمه الاجتهاد في طلب الأعلم، وغلب على ظنّه أن الثاني أعلم ينبغي أن يجوز، بل يجب، وإن خيّرناه، فينبغي أن يجوز أيضًا، كما أَبُو قلّد في القبلة هذا أيّامًا، وهذا أيّامًا، ولو قلّد مجتهدًا في مسائل، وآخر في مسائل أخرى،