للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المكيّ، قال: حدّثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، سمعه من سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، عن جدّه: أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بعثه ومعاذَ بنَ جبل إلى اليمن، فقال لهما: "بَشِّرا، وَيسِّرا، وعَلِّما، ولا تُنَفِّرا، وتطاوعا"، فلما وَلَّى معاذ، رجع أبو موسى، فقال: يا رسول الله، إن لهم شرابًا من العنب يُطبَخ، حتى يَعْقِد، والْمِزْرِ يُصْنَع من الشعير؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كلُّ ما أسكر عن الصلاة فهو حرام".

قال أبو حاتم: غريب غريب. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: استغراب أبي حاتم بن حبّان لهذا الحديث إنما هو من حيث الإسناد، وقد انتقده الدارقطنيّ على مسلم، فقال: لم يُتابع ابن عبّاد، عن سفيان، عن عمرو، عن سعيد، وقد رُوي عن سفيان، عن مسعر، عن سعيد، ولا يَثْبُت، ولم يُخرجه البخاريّ من طريق سفيان. انتهى كلام الدارقطنيّ رحمه الله.

قال النوويّ رحمه الله - بعد كلام الدارقطنيّ المذكور -: ولا إنكار على مسلم؛ لأن ابن عبّاد ثقةٌ، وقد جزم بروايته عن سفيان، عن عمرو، عن سعيد، ولو لم يثبت لم يضرّ مسلمًا؛ فإن المتن ثابت من طرق. انتهى (٢).

وأما رواية زيد بن أبي أنيسة، عن سعيد بن أبي بردة، فقد ساقها ابن حبّان أيضًا في "صحيحه"، فقال:

(٥٣٧٦) - أخبرنا عبد الله بن قحطبة، قال: حدّثنا محمد بن الصباح، قال: حدّثنا محمد بن سلمة، عن أبي عبد الرحيم، عن زيد بن أبي أُنيسة، عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، عن أبي موسى الأشعريّ، قال: لَمّا بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومعاذَ بنَ جبل إلى اليمن، أَمَرنا أن ينزل كل واحد منا قريبًا من صاحبه، فقال لنا: "يسّرا، ولا تعسّرا، وبشّرا، ولا تنفّرا"، فلما قمنا قلنا: يا رسول الله أفتنا في شرابين كنا نصنعهما: الْبِتْع من العسل يُنبَذ حتى يشتدّ، والْمِزْر من الشعير، والذّرَة يُنبَذ حتى يشتدّ، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أوتي جوامع الكلم، وخواتمه، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "حرام عليكم كلُّ مسكر، يُسكر عن


(١) "صحيح ابن حبان" ١٢/ ١٩٤ - ١٩٥.
(٢) "شرح النوويّ" ١٢/ ٤٢.