للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[تنبيه آخر]: قوله: (كُلُّهُمْ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ)؛ يعني: أن محمد بن بشر، وأبا أُسامة حمّاد بن أسامة، ويحيى القطّان رووا هذا الحديث عن عبيد الله بن عمر العمريّ.

شرح الحديث:

(عَنْ نَافِعٍ) مولى ابن عمر (عَنِ ابْنِ عُمَرَ) بن الخطّاب - رضي الله عنهما - أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا جَمَعَ اللهُ الأوَّلِينَ وَالآخِرِينَ"؛ أي: من الإنس، والجنّ وغيرهم، (يَوْمَ الْقِيَامَة، يُرْفعُ) بالبناء للمفعول، (لِكُلِّ غَادِرٍ) اسم فاعل من غدر به، من باب ضرب: إذا نقض عهده، وقال النوويّ: وأما الغادر فهو الذي يواعد على أمر، ولا يَفِي به، يُقال: غَدَرَ يَغْدِر، بكسر الدال في المضارع (١).

وقال القاضي البيضاويّ: "الغدر" في الأصل: ترك الوفاء، وهو شائع في أن يَغتال الرجل من في عهده، وأمنه، والمعنى: أن الغادر يُنصب وراءه لواء غدره يوم القيامة؛ تشهيرًا بالغدر، وإخزاءً، وتفضيحًا على رؤوس الأشهاد. انتهى (٢).

وقوله: (لِوَاءٌ) قال أهل اللغة: "اللواء": الراية العظيمة، لا يمسكها إلا صاحب جيش الحرب، أو صاحب دعوة الجيش، ويكون الناس تبعًا له، قالوا: فمعنى "لكل غادر لواءٌ"؛ أي: علامةٌ يُشهر بها في الناس؛ لأن موضوع اللواء الشهرة، ومكان الرئيس علامة له، وكانت العرب تنصب الألوية في الأسواق الْحَفِلة لغدرة الغادر؛ لتشهيره بذلك، ذكره النوويّ (٣).

وقال في "الفتح": "اللِّوَاءُ" - بكسر اللام، والمدّ -: هي الراية، وتُسمى أيضًا العلمَ، وكان الأصل أن يُمسكها رئيس الجيش، ثم صارت تُحْمَل على رأسه، وقال أبو بكر بن العربيّ: اللواء غير الراية، فاللواء ما يُعْقَد في طرف الرمح، ويُلْوَى عليه، والبراية ما يُعقَد فيه، ويترك حتى تُصَفِّقه الرياح، وقيل: اللواء دون الراية، وقيل: اللواء: العَلَم الضَّخْم، والعَلَم: علامةٌ لمحل الأمير،


(١) "شرح النوويّ" ١٢/ ٤٣.
(٢) راجع: "الكاشف عن حقائق السنن" ٨/ ٢٥٩١.
(٣) "شرح النوويّ" ١٢/ ٤٣.