للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يدور معه حيث دار، والراية يتولاها صاحب الحرب، قاله في "الفتح" (١).

وفي رواية شقيق الآتية: "لكلّ غادر لواء يوم القيامة يُعْرَف به"، وفي حديث أبي سعيد - رضي الله عنه - الآتي: "لكل غادر لواء عند اسْتِهِ يوم القيامة"، وفي رواية له: "لكل غادر لواء يوم القيامة، يُرفَع له بقدر غَدْره، ألا ولا غادر أعظم غدرًا، من أميرِ عامّة".

وقال القرطبيّ رحمه الله: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لكل غادر لواء يوم القيامة يُرفع له" هذا منه - صلى الله عليه وسلم - خطاب للعرب بنحو ما كانت تفعل، وذلك: أنهم كانوا يرفعون للوفاء رايةً بيضاء، وللغدر راية سوداء؛ ليُشهروا به الوَفِيّ، فيعظموه، ويمدحوه، والغادر فيذمّوه، ويلوموه بغدره، وقد شاهدنا هذا فيهم عادة مستمرّة إلى اليوم، فمقتضى هذا الحديث أن الغادر يُفعل به مثل ذلك؛ ليُشهر بالخيانة والغدر، فيذمّه أهل الموقف، ولا يبعد أن يكون الوَفِيّ بالعهد يُرفع له لواء يُعرف به وفاؤه وبزه، فيمدحه أهل الموقف، كما يُرفع لنبيّنا محمد - صلى الله عليه وسلم - لواء الحمد، فيحمده كلّ من في الموقف. انتهى (٢).

(فَقِيلَ: هَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ") "الْغَدْرَة" بفتح، فسكون: المرّة من الغدر؛ يعني: أنها علامة غدرته، والمراد بذلك تشهيره، وأن يفتضح بذلك على رؤوس الأشهاد، وفيه تعظيم الغدر، سواء كان من قِبَل الآمر، أو المأمور، قاله في "الفتح" (٣).

وقال الطيبيّ رحمه الله: قوله: "هذه غدرة فلان أي: هذه علامة غدرة فلان؛ ليشتهر بين الناس، ويَفتضح على رؤوس الأشهاد، ويؤيّده قوله: "يُرفع له بقدر غدره". انتهى (٤).

وقال القرطبيّ رحمه الله: قوله: "بقدر غدرته"؛ يعني: أنه إن كانت غدرته


(١) "الفتح" ٧/ ٢٣٢، كتاب "الجهاد" رقم (٢٩٧٤).
(٢) "المفهم" ٣/ ٥٢٠.
(٣) "الفتح" ٧/ ٥٤٢، كتاب "الفتن" رقم (٧١١١).
(٤) "الكاشف عن حقائق السنن" ٨/ ٢٥٩١.