للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

{وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ}؛ لأنهم عقبوا ذلك بقولهم: {وَاعْفُ عَنَّا} مسألة منهم ربهم أن يعفو لهم عن تقصير، إن كان منهم في بعض ما أَمرهم به من فرائضه، فيَصْفَح لهم عنه، ولا يعاقبهم عليه، وإن خَفّ ما كلفهم من فرائضه على أبدانهم، قال ابن زيد في قوله: {وَاعْفُ عَنَّا}: إن قصرنا عن شيء من أمرك مما أمرتنا به، وكذلك قوله: {وَاغْفِرْ لَنَا} يعني واستر علينا زلةً، إن أتيناها فيما بيننا وبينك، فلا تكشفها، ولا تفضحنا بإظهارها. انتهى.

{وَارْحَمْنَا} قال ابن جرير: يعني بذلك جل ثناؤه: تَغَمّدنا منك برحمة تنجينا بها من عقابك، فإنه ليس بناجٍ من عقابك أحدٌ، إلا برحمتك إياه، في ون عمله، وليست أعمالنا منجيتنا، إن أنت لم ترحمنا، فوفقنا لما يُرضيك عنّا. انتهى.

{أَنْتَ مَوْلَانَا} أي وَليُّنا وناصرنا {فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} وقال أبو إسحاق الزجّاج: أي أَظْهِرنا عليهم في الحجة، والحرب، وإظهار الدين انتهى (١).

وقال الإمام ابن جرير: يعني بقوله جل ثناؤه: {أَنْتَ مَوْلَانَا} أنت ولينا بنصرك، دون من عاداك، وكَفَر بك؛ لأنا مؤمنون بك، ومطيعوك فيما أمرتنا ونهيتنا، فأنت ولي من أطاعك، وعدُوّ من كفر بك فعصاك، فانصرنا؛ لأنا حِزْبُك على القوم الكافرين الذين جَحَدوا وحدانيتك، وعبدوا الآلهة والأنداد دونك، وأطاعوا في معصيتك الشيطان. انتهى (٢).

(قَالَ) الله سبحانه وتعالى (نَعَمْ) زاد أبو عوانة: إلا أن محمد بن المنهال قدّم بعض الكلام، وأخّر بعضًا، وقال: {وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا} وقال: قد غفرت لكم، ورحمتكم، والحديث كلّه واحد. انتهى (٣). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف.


(١) راجع: "شرح النوويّ" ٢/ ١٥٢.
(٢) "تفسير ابن جرير" ٦/ ١٤١ - ١٤٢.
(٣) "مسند أبي عوانة" ١/ ٧٦.