للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

عن سُفْيَانَ بن عيينة أنه (قَالَ: سَمِعَ عَمْرٌو)؛ أي: ابن دينار، (جَابِرًا)؛ أي: ابن عبد الله - رضي الله عنهما - (يَقُولُ: قَالَ رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "الْحَرْبُ خَدْعَة") - بفتح الخاء المعجمة، وبضمّها، مع سكون الدال المهملة فيهما، وبضم أوله، وفتح ثانيه - قال النوويّ: اتفقوا على أن الأولى أفصح، حتى قال ثعلب: بلغنا أنها لغة النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وبذلك جزم أبو ذرّ الهرويّ، والقزاز، والثانية ضُبِطت كذلك في رواية الأصيليّ، قال أبو بكر بن طلحة: أراد ثعلب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يستعمل هذه الْبِنْية كثيرًا لوجازة لفظها، ولكونها تعطي معنى البنيتين الأخيرتين، قال: ويعطي معناها أيضًا الأمر باستعمال الحيلة مهما أمكن، ولو مَرّةً، وإلا فقاتِلْ، قال: فكانت مع اختصارها كثيرة المعنى.

ومعنى "خدعة" بالإسكان أنها تَخْدَع أهلها، من وصف الفاعل باسم المصدر، أو أنها وصف المفعول، كما يقال: هذا الدرهم ضَرْبُ الأمير؛ أي: مضروبه.

وقال الخطابيّ (١): معناه أنها مرّةً واحدةً؛ أي: إذا خَدَع مرةً واحدةً لم تُقَل عَثْرته، وقيل: الحكمة في الإتيان بالتاء للدلالة على الوحدة، فإن الخداع إن كان من المسلمين، فكأنه حَضَّهم على ذلك، ولو مرّةً واحدةً، وإن كان من الكفار، فكانه حَذَّرهم من مكرهم، ولو وقع مرّةً واحدةً، فلا ينبغي التهاون بهم؛ لِمَا ينشأ عنهم من المفسدة، ولو قَلّ.

وفي اللغة الثالثة صيغة المبالغة، كهُمَزَة، ولُمَزَةٍ.

وحَكَى المنذري لغةً رابعةً بالفتح فيهما، قال: وهو جمع خادع؛ أي: إنَّ أهلها بهذه الصفة، وكأنه قال: أهل الحرب خَدَعَةٌ.

وحَكَى مكيّ، ومحمد بن عبد الواحد لغةً خامسةً: كَسْر أوله، مع الإسكان، قال الحافظ: قرأت ذلك بخط مغلطاي.

وأصل الخدع: إظهار أمر، وإضمار خلافه، وفيه التحريض على أخذ


(١) "الأعلام "٢/ ١٤٣٢.