للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحذر في الحرب، والنَّدْبُ إلى خداع الكفار، وأن من لم يتيقظ لذلك لم يأمن أن ينعكس الأمر عليه.

قال النوويّ: واتفقوا على جواز خداع الكفار في الحرب، كيفما أمكن، إلا أن يكون فيه نقض عهد، أو أمان، فلا يجوز.

وقال ابن العربيّ: الخداع في الحرب يقع بالتعريض، وبالْكَمِين، ونحو ذلك.

وفي الحديث الإشارة إلى استعمال الرأي في الحرب، بل الاحتياج إليه آكد من الشجاعة، ولهذا وقع الاقتصار على ما يشير إليه بهذا الحديث، وهو كقوله: "الحجّ عرفة".

وقال ابن الْمُنيِّر: معنى "الحربُ خدعة"؛ أي: الحرب الجيدة لصاحبها، الكاملة في مقصودها، إنما هي المخادعة، لا المواجهة، وذلك لخطر المواجهة، وحصول الظَّفَر مع المخادعة، بغير خطر.

[تنبيه]: ذكر الواقديّ أن أول ما قال النبي - لي الله عليه وسلم -: "الحرب خدعة" في غزوة الخندق، ذكر هذا في "الفتح" (١).

وقال العلّامة ابن الملقّن رحمه الله: وضبط الأصيليّ "خُدْعة" بضم الخاء، وسكون الدال، وعن يونس ضم الخاء، وفتح الدال، وعن عياض فتحهما، وقال القزّاز: فتح الخاء وسكون الدال لغة النبيّ - صلى الله عليه وسلم - (٢)، ولغته أفصح اللغات، وقالوا: الْخَدْعة: المرة الواحدة من الْخِداع، فمعناه: أن من خُدِع فيها مرة واحدةً عَطِبَ، وهَلَكَ، ولا عَوْدة له.

وقال ابن سيده في "العويص": من قال: خدعة أراد: تَخْدَع أهلها، وفي "الواعي"؛ أي: تُمَنِّيهم بالظفر والغلبة، ثم لا تفي لهم، وقال: ومن قال: خُدَعة أراد: هي تَخْدع، كما يقال: رجل لُعَنةٌ: يُلْعَن كثيرًا، وإذ خَدَع أحد الفريقين صاحبه في الحرب، فكأنها خَدَعت هي.


(١) "الفتح" ٧/ ٢٨٢ - ٢٨٣، كتاب "الجهاد" رقم (٣٠٣٠).
(٢) كون هذه اللغة لغة النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يحتاج إلى إثباته بنقل صحيح، فليُتأمل.