للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال قاسم بن ثابت في كتابه "الدلائل": كَثُر استعمالهم لهذه الكلمة، حتى سَمّوا الحرب خدعةً.

وحَكَى مكيّ، ومحمد بن عبد الواحد: لغة خامسةً: خِدْعة بكسر الخاء، وسكون الدال، وحكاها ابن قُتيبة عن يونس.

وقال المطرزيّ: الأفصح بالفتح؛ لأنه لغة قريش، واعترضه ابن درستويه، فقال: ليست بلغة قوم دون قوم، وإنما هي كلام الجميع؛ لأنها المرة الواحدة من الخداع، فلذلك فُتِحَت.

وقال أبو بكر بن طلحة: أراد ثعلب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يختار هذه الْبِنْيَة، ويستعملها كثيرًا؛ لأنها بلفظها الوجيز تعطي معنى البنيتين الأخريين، ويُعطي أيضًا معناها: استَعْمِل الحيلة في الحرب ما أمكنك، فإذا أعيتك الحيل فقاتِل، فكانت هذه اللغة على ما ذكرنا مختصرة اللفظ، كثيرة المعنى، فلذلك كان - صلى الله عليه وسلم - يختارها.

قال اللحيانيّ: خَدَعت الرجل أَخْدَعُه خَدْعًا، وخِدْعًا، وخَدِيعة، وخَدَعَة: إذ أظهرتَ له خلاف ما تُخفي، وأصله: كلّ شيء كتمته، فقد خَدَعته، ورجل خَدّاع، وخَدُوع، وَخَدَعٌ، وخَدِيعة، وخُدَعَةٌ: إذا كان خِبًّا (١).

وفي "المحكم": الْخَدْع، والخديعة: المصدر، والخِاع والْخِداع: الاسم، ورجل خَيْدَع: كثير الخداع.

وقال القرطبيّ رحمه الله: فأما إذا قلنا: لم يكن للعدوّ عهد فينبغي أن يُتَحَيّل على العدوّ بكل حيلة، وتُدار عليهم كلُّ خديعة، وعليه يُحمل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الحرب خَدْعة" - بفتح الخاء، وسكون الدال - وهي لغة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهي مصدر "خَدَعَ" المحدود بالتاء، كغَرْفَة، وخَطْوة - بالفتح فيهما -، ومعناه: أن الحرب تكون ذات خدعة، فوُضع المصدر موضع الاسم؛ أي: ينبغي أن يُستَعْمَل فيها الخداع، ولو مرَّة واحدة.

قال: وقد روي هذا الحرف "خُدْعَة" بضم الخاء، وسكون الدال، وهو اسم ما يفعل به الخداع، كاللُّعْبة لِمَا يُلعب به، والضُّحْكة لِمَا يُضْحَك منه،


(١) بكسر الخاء المعجمة، وتشديد الباء الموحّدة: الْخدّاع.