للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٤ - (ومنها): ما قال أبو العباس القرطبيّ رحمه الله - بعد تقريره ما تقدم -: إن معناه الحضّ على استعمال الخداع في الحرب، ولو مرة واحدة، ويَحْتَمِل أن يكون معناه: أن الحرب تتراءى لأخفّ الناس بالصورة المستحسنة، ثم تتجلى عن صورة مستقبحة، كما قال الشاعر [من الكامل]:

الْحَرْبُ أَوَّلَ مَا تَكُونَ فَتِيَّةً … تَسْعَى بِبِزَّتِهَا لِكُلِّ جَهُولِ

وقال الآخر [من الكامل]:

وَالْحَرْبُ لَا يَبْقَى لِجَا … حِمِهَا (١) التَّحَيُّلُ وَالْمِرَاحُ

وفائدة الحديث على هذا ما قاله في الحديث الآخر: "لا تتمنوا لقاء العدو، واسألوا الله العافية". انتهى (٢).

وتعقّبه وليّ الدين رحمه الله، فقال: وهذا احتمال بعيد؛ لأنه يُفهم ذم الحرب، والحديث إنما سيق في معرض مدحها، والتحيّل فيها بالمخادعة، فإن صح هذا الاحتمال في ذمها، فذاك في الفتن والحروب بين المسلمين الناشئة عن التنافس في الدنيا، والله أعلم. انتهى (٣)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

وبالسند المتّصل إلى المؤلف رحمه الله أوّل الكتاب قال:

[٤٥٣٠] (١٧٤٠) - (وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْمٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الله بْنُ الْمُبَارَك، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "الْحَرْبُ خُدْعَة").

رجال هذا الإسناد: خمسة:

١ - (مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْمٍ) هو: محمد بن عبد الرحمن بن حكيم بن سَهْم، نُسب لجدّه الأنطاكيّ، ثقةٌ [١٠] (ت ٢٤٣) (م) من أفراد المصنّف تقدم في "الصلاة" ٤٠/ ١٠٦٩.


(١) الجاحم: الموقد.
(٢) "المفهم" ٣/ ٥٢٢.
(٣) "طرح التثريب" ٧/ ٢١٦.