قال النوويّ رحمه الله: قوله: "فاصبروا" هذا حثّ على الصبر في القتال، وهو آكد أركانه، وقد جمع الله سبحانه وتعالى آداب القتال في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٤٥) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (٤٦) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} الآية [الأنفال: ٤٥ - ٤٧](١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا متفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنف) هنا [٦/ ٤٥٣١](١٧٤١)، و (البخاريّ) معلّقًا في "الجهاد"(٣٥٢٦)، و (الطبرانيّ) في "الأوسط"(٨/ ٨٩)، و (أبو عوانة) في "مسنده"(٤/ ٢١٦، ٢١٧)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(٩/ ١٥٢)، وفوائد الحديث تأتي في الحديث التالي - إن شاء الله تعالى -.
وبالسند المتّصل إلى المؤلف رحمه الله أوّل الكتاب قال:
[٤٥٣٢](١٧٤٢) - (وَحَدَّثَني مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثنَا عَبْدُ الرَّزَّاق، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ كِتَابِ رَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ، مِنْ أَصْحَابِ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى، فَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ الله، حِينَ سَارَ إِلَى الْحَرُورِيَّة، يُخْبِرُهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ فِي بَعْضِ أيَّامِهِ الَّتي لَقِيَ فِيهَا الْعَدُوَّ يَنْتَظِرُ، حَتَّى إِذَا مَالَتِ الشَّمْسُ قَامَ فِيهِمْ، فَقَالَ:"يَا أَيُّهَا النَّاسُ لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُو، وَاسْأَلُوا اللهَ الْعَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا، وَاعْلَمُوا أَن الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ"، ثُمَّ قَامَ النّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، وَقَالَ:"اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَاب، وَمُجْرِيَ السَّحَاب، وَهَازِمَ الأَحْزَاب، اهْزِمْهُمْ، وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ").