للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(يُخْبِرُهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ فِي بَعْضِ أَيَّامِهِ الَّتي لَقِيَ فِيهَا الْعَدُوَّ)؛ أي: الكفّار في الغزو، (يَنْتَظِرُ، حَتَّى إِذَا مَالَتِ الشَّمْس)؛ أي: ليطيب الوقت، ويؤدّي الصلاة، وقال القرطبيّ رحمه الله: يعني أنه كان يؤخر القتال عن الهاجرة إلى أن تميل الشمس؛ ليبرد الوقت على المقاتِلة، ويخفّ عليهم حمل السلاح التي يؤلم حملها في شدَّة الهاجرة؛ ولأن ذلك الوقت وقت الصلاة، وهو مظنَّة إجابة الدعاء، وقيل: بل كان يفعل ذلك لانتظار هبوب ريح النصر التي نُصر بها، كما قال: "نُصِرت بالصَّبا"، وفي حديث آخر: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان ينتظر حتى تزول الشمس، وَتَهُبّ رياح النصر. انتهى (١).

وقال النوويّ رحمه الله: وقد جاء في غير هذا الحديث أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا لم يقاتل أول النهار، انتظر حتى تزول الشمس، قال العلماء: سببه أنه أمكن للقتال، فإنه وقت هبوب الريح، ونشاط النفوس، وكلما طال ازدادوا نشاطًا، وإقدامًا على عدوهم، وقد جاء في "صحيح البخاريّ": "أَخَّر حتى تَهُبّ الأرواح، وتحضر الصلاة"، قالوا: وسببه فضيلة أوقات الصلوات، والدعاء عندها. انتهى (٢).

قال الطيبيّ رحمه الله: وفي قوله: "انتظر حتى مالت الشمس" إشارة إلى الفتح والنصرة؛ لأنه وقت هبوب الرياح، ونشاط النفوس، وقالوا: سببه فضيلة أوقات الصلاة، والدعاء عندها، والوجه الجمع بينهما؛ لِمَا نُصّ عليه في الحديث الآخر المخرَّج في "صحيح البخاري" من طريق النعمان بن مُقَرِّن، قال: "شهدت القتال مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكان إذا لم يقاتل أول النهار انتظر حتى تَهُبّ الأرياح، وتحضر الصلاة"، وفي رواية أبي داود: "حتى تزول الشمس، وتَهُبّ الرياح، وينزل النصر"، قال التوربشتيّ رحمه الله: مصداق ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "نُصِرْتُ بالصبا"، وفيه استحباب الدعاء، والاستغفار عند القتال، انتهى (٣).

(قَامَ)؛ أي: خطيبًا (فِيهِمْ)؛ أي: في الصحابة الذين غزوا معه، (فَقَالَ:


(١) "المفهم" ٣/ ٥٢٤.
(٢) "شرح النوويّ" ١٢/ ٤٦.
(٣) "الكاشف عن حقائق السنن" ٨/ ٢٦٩٨، و"مرقاة المفاتيح" ٧/ ٤٧٨.