للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ) قال القاري: ولعلّ العدول عن يا أيها المؤمنون؛ ليعمّ المنافقين (١). (لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ) تقدّم شرح هذه الجملة في الحديث الماضي، (وَاسْأَلُوا اللهَ الْعَافِيَةَ)؛ أي: أن يعافيكم من الفتن، والْمِحن، وقال القاري: أي: اطلبوا منه كفاية شرّ الأعداء (٢)، قال النوويّ رحمه الله: وقد كثرت الأحاديث في الأمر بسؤال العافية، وهي من الألفاظ العامة المتناولة لدفع جميع المكروهات، في البدن، والباطن، في الدِّين، والدنيا، والآخرة، اللهم إني أسألك العافية العامة لي، ولأحبائي، ولجميع المسلمين. انتهى (٣).

(فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا) تقدّم شرحه أيضًا، (وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ") قال القاري رحمه الله: أي: كون المجاهد بحيث تعلوه سيوف الأعداء سبب للجنّة، أو المراد: سيوف المجاهدين، وإنما ذَكر السيوف؛ لأنها أكثر آلات الحرب. انتهى (٤).

وقال في "النهاية": هو كناية عن الدنوّ من الضراب في الجهاد حتى يعلوه السيف، ويصير ظلّه عليه، والظلّ: الفيء الحاصل الحاجز بينك وبين الشمس؛ أيَّ شيء كان، وقيل: هو مخصوص بما كان منه إلى زوال الشمس، وما كان بعده فهو الفيء. انتهى (٥).

وقال النوويّ رحمه الله: معناه: أن ثواب الله، والسبب الموصل إلى الجنّة عند الضرب بالسيوف في سبيل الله تعالى، ومشي المجاهدين في سبيل الله، فاحضروا فيه بصدق، واثبتوا. انتهى (٦).

وقال القرطبيّ رحمه الله: قوله: "الجنَّة تحت ظلال السيوف": هذا من الكلام النفيس البديع، الذي جمع ضروب البلاغة من جزالة اللفظ، وعذوبته، وحسن استعارته، وشمول المعاني الكثيرة، مع الألفاظ المعسولة الوجيزة؛ بحيث يعجز الفصحاء اللُّسْن البلغاء عن إيراد مثله، أو أن يأتوا بنظيره وشكله، فإنه استفيد


(١) "المرقاة" ٧/ ٤٧٨.
(٢) "مرقاة المفاتيح" ٧/ ٤٧٨.
(٣) "شرح النوويّ" ١٢/ ٤٦.
(٤) "مرقاة المفاتيح" ٧/ ٤٧٨.
(٥) "النهاية" في الحديث ٣/ ١٥٩، و"الكاشف عن حقائق السنن" ٨/ ٢٦٩٧.
(٦) "شرح النوويّ" ١٢/ ٤٦.