للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

منه مع وجازته الحضُّ على الجهاد، والإخبار بالثواب عليه، والحضّ على مقاربة العدو، واستعمال السّيوف، والاعتماد عليها، واجتماع المقاتلين حين الزحف، بعضهم لبعض، حتى تكون سيوفهم بعضها يقع على العدوّ، وبعضها يرتفع عنهم؛ حتى كأن السيوف أظلَّت الضاربين بها، ويعني: أن الضارب بالسيف في سبيل الله يدخله الله الجنة بذلك، وهذا كما قاله في الحديث الآخر: "الجنة تحت أقدام الأمهات" (١)؛ أي: مَن برَّ أمَّه، وقام بحقها، دخل الجنَّة. انتهى كلام القرطبيّ رحمه الله (٢).

(ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، وَقَالَ: "اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ) اسم فاعل من أنزل الرباعيّ، والمراد: جنس الكتاب، أو هو القرآن الكريم، (وَمُجْرِيَ السَّحَابِ) اسم فاعل من أجرى، رباعيًّا أيضًا، (وَهَازِمَ الأَحْزَابِ) اسم فاعل من هزم الثلاثيّ، من باب ضرب، و"الأحزاب": بفتح الهمزة: جمع حزب، وهم الجمع والقطعة من الناس، ويعني بهم: الذين تحزبوا عليه في المدينة فهزمهم الله تعالى بالريح.

وقال القاري رحمه الله: قوله: "وهازم الأحزاب أي: أصناف الكفّار السابقين، من قوم نوح، وعاد، وثمود، وغيرهم (٣).

(اهْزِمْهُمْ)؛ أي: اكسر شوكة هؤلاء الكفّار، يقال: هَزَمتُ الجيشَ هَزْمًا، من باب ضرب: كسرته، والاسم: الهزيمة (٤).

(وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ)؛ أي: ليكون لنا أجر الغزو بسبب المباشرة، ورَوَى الإسماعيليّ في هذا الحديث، من وجه آخر: أنه - صلى الله عليه وسلم - دعا أيضًا، فقال: "اللهم أنت ربنا وربهم، ونحن عبيدك، وهم عبيدك، نواصينا ونواصيهم بيدك، فاهزمهم، وانصرنا عليهم"، ولسعيد بن منصور، من طريق أبي عبد الرحمن الحبليّ، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا نحوه، لكن بصيغة الأمر؛ عطفًا على قوله:


(١) حديث حسن، أخرجه النسائيّ، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبيّ، وأقرّه المنذريّ.
(٢) "المفهم" ٣/ ٥٢٥ - ٥٢٦.
(٣) "مرقاة المفاتيح" ٧/ ٤٧٨.
(٤) "المصباح المنير" ٢/ ٦٣٨.